وفيه نظر ؛ فإن آية النهي عن الإلقاء في التهلكة لا تفيد الإباحة المختصة ، بل التحريم ، خرج منه صورة فقد المصلحة ، لوجوب القتال حينئذ إجماعاً.
وحبّ لقاء الله تعالى شهيداً وإن كان مستحسناً لكن حيث يكون مشروعاً ، وهو ما إذا لم تدعو حاجة ولا ضرورة ، وأما معها فاستحسانه أوّل الدعوى.
مع أنه معارض بما ذكره في صورة جواز بذل الإمام المال ، من الصغار الحاصل من القتل والسبي والأسر الذي يفضي إلى كفر الذرية.
فإنّ هذه أجمع لعلّه عند الله سبحانه أعظم من لقاء الله تعالى شهيداً.
وأمّا فعل سيّدنا الحسين عليهالسلام فربما يمنع كون خلافه مصلحة ، وأنّ فعله كان جوازاً لا وجوباً ، بل لمصلحة كانت في فعله خاصّة لا تركه. كيف لا؟! ولا ريب أنّ في شهادته إحياءً لدين الله قطعاً ، لاعتراض الشيعة على أخيه الحسن في صلحه مع معاوية ، ولو صالح عليهالسلام هو أيضاً لفسدت الشيعة بالكلية ، ولتقوى مذهب السنة والجماعة ، وأيّ مصلحة أعظم من هذا ، وأيّ مفسدة أعظم من خلافه؟ كما لا يخفى.
ثمّ إنّ المهادنة وإن جازت أو وجبت ( لكن لا يتولاّها ) أي عقدها ، وكذا عقد الذمّة بالجزية كما في المنتهى ( إلاّ الإمام ، أو نائبه ) (١) المنصوب لذلك ، بلا خلاف أجده.
وفي المنتهى : لا نعلم فيه خلافاً ، قال : لأنّ ذلك يتعلّق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة ، فلم يكن للرعية توليته ، ولأن تجويزه من غير الإمام
__________________
(١) في المختصر المطبوع : مَن يأذن له.