وفي انسحاب الحكم للآحاد بمعنى وجوب ثبات الواحد للاثنين فيحرم فراره منهما ، أم لا ، قولان ، أحوطهما ذلك ؛ للنص (١).
( إلاّ لمتحرّف ) لقتال ، أي منتقل إلى حالة أمكن من حالة التي هو عليها ، كاستدبار الشمس وتسوية اللأمة وورود الماء وطلب السعة.
( أو متحيّز ) أي منضمّ ( إلى فئة ) ليستنجد بها في المعونة على القتال ، قليلة كانت أو كثيرة ، مع صلاحيتها له ، وكونها غير بعيدة على وجه يخرج عن كونه مقاتلاً عادة. فلا حرمة في الصورتين ؛ لما عرفت من نصّ الآية الشريفة.
والحكم بالحرمة في غيرهما مطلق ولو غلب على الظنّ العطب والهلاك ، على الأظهر ، وفاقاً لأكثر الأصحاب ؛ عملاً بما مرّ من إطلاق الكتاب ، والتفاتاً إلى جواز كذب ظنّه ، لقوله تعالى ( فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ) (٢).
خلافاً للمختلف (٣) وغيره ، فقيّداه بغير صورة غلبة الظن ؛ عملاً بقوله تعالى ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٤) ولما فيه من حفظ النفس الواجب دائماً وإمكان تحصيل مقصود الجهاد بعد ذلك.
قال في المختلف بعد ذلك : ووجوب الثبات لا ينافي ما قلنا ، فإنّ المطلوب يصدق في أيّ جزء كان.
ويضعّف : بأن إلقاء النفس إلى التهلكة الموجب لعدم حفظ النفس
__________________
(١) الوسائل ١٥ : ٨٤ أبواب جهاد العدوّ ب ٢٧.
(٢) الأنفال : ٦٦.
(٣) المختلف : ٣٢٥.
(٤) البقرة : ١٩٥.