الواجب وللتغرير بها ليس منافياً للجهاد ، بل مقصود فيه.
والمتبادر من الثبات المطلق عدم الفرار مطلقاً ، كما نصّت عليه الآية الاولى ( فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ ).
( و ) احترز بالشرط عما ( لو كان ) العدو و ( أكثر ) من الضعف ، فإنه لو فرّ حينئذ ( جاز ) إجماعاً كما في التحرير والمنتهى ، وفيهما : ولو غلب على ظنّ المسلمين الظفر استحب لهم الثبات ، لما فيه من المصلحة ، ولا يجب. قال في المنتهى : لأنهم لا يأمنون العطب ، ولأن الحكم بجواز الفرار علّق على مظنّته ، وهو كون المسلمين أقلّ من ضِعف العدوّ ، ولهذا لزمهم الثبات إذا كانوا أكثر من النصف ولو غلب على ظنّهم الهلاك (١).
ثم إنّ إطلاق النص والفتوى بتحريم الفرار يعمّ صورتي الاختيار والاضطرار. خلافاً لشيخنا في المسالك والروضة ، فقيّده بحال الاختيار ، قال : وأما المضطر كمن مرض أو فقد سلاحه فإنه يجوز له الانصراف (٢).
ولعلّه لفقد شرط وجوب الجهاد ، لما مرّ من اشتراطه بالسلامة من المرض. ولعلّه أيضاً مراد الأصحاب ، وإنما تركوه اتّكالاً على ما قدّموه في بحث الشروط.
( ويجوز المحاربة بكل ما يُرجى به الفتح ، كهدم الحصون ، ورمي المجانيق ) والتحريق بالنار ، وقطع الأشجار ، وإرسال الماء ومنعه عنهم ، ونحو ذلك ، مع الضرورة وتوقف الفتح عليه ، وعدمها ، وإن كره بعضها بدونها. ( ولا يضمن ما يتلف بذلك المسلمين ) الذين ( بينهم ).
بلا خلاف في شيء من ذلك يظهر إلاّ ما سيذكر ؛ للأصل ،
__________________
(١) التحرير ١ : ١٣٥ ، المنتهى ٢ : ٩٠٨.
(٢) المسالك ١ : ١٥٠ ، الروضة ٢ : ٣٩٢.