وما فيه من حصر بيع المغشوش بالمخالف مبنيّ على الغالب نقص الخالص عن المغشوش بحسب المقدار ، فإنّ بناء البيع والشراء على المماكسة والمغالبة ، فالمشتري لا يبذل فضّة خالصة أو ذهباً كذلك في مقابل الغشّ وتعسر معرفة مقدار المغشوش ، وإلاّ فلو تحقق خلاف الغالب من زيادة الخالص على الغشّ ، أو حصول معرفة المقدار جاز بلا إشكال ولا خلاف ، كما مضى.
ويجوز بيع أحد المغشوشين المتجانسين بالآخر مطلقا ، ولو كان مقدار الخالص منهما مجهولاً ، بل ولو علم زيادة الخالص في أحدهما على الخالص الذي في الآخر بناءً على ما مضى من الحيلة في دفع الربا بضمّ الضميمة إلى أحدهما أو إليهما (١) ، ولا ريب أنّ الغشّ ضميمة تصلح للربا وعدمه جدّاً ، كما عرفت ممّا ذكره أصحابنا ، وبه صرّح في الدروس شيخنا (٢).
( ولا يباع تراب ) معدن ( الذهب بالذهب ، ولا تراب ) معدن ( الفضّة بالفضّة ) أي ترابهما الخليط بهما بخالصهما مع جهالتهما أو أحدهما ؛ لاحتمال زيادة أحد العوضين عن الآخر فيدخل فيه الربا.
ولو علم زيادة الثمن عمّا في التراب من جنسه لم يصحّ هنا ، وإن صحّ في المغشوش جدّاً ، بناءً على أنّ التراب لا قيمة له لتصلح في مقابل الزائد أصلاً.
ومنه يعلم جواز بيع التراب بالخالص مع مساواة مقدار جوهريهما ؛ لعدم الزيادة أصلاً والتراب لعدم قيمة له وجوده كعدمه.
__________________
(١) راجع ص : ٣٩٧٥.
(٢) الدروس ٣ : ٣٠١.