وفي الصحيح : رجل اشترى من رجل عشرة آلاف طُنّ (١) في أنبار بعضه على بعض من أجَمَة واحدة ، والأنبار فيه ثلاثون ألف طُنّ ، فقال البائع : قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طُنّ ، فقال المشتري : قد قبلت واشتريت ورضيت ، فأعطاه من ثمنه ألف درهم ، ووكّل المشتري من يقبضه ، فأصبحوا وقد وقع في القصب نار فاحترق منه عشرون ألف طنّ وبقي عشرة آلاف طن ، فقال : « عشرة آلاف التي بقيت هي للمشتري ، والعشرون التي احترقت من مال البائع » (٢).
وهو ظاهر في الثاني ، إلاّ أنّ في صحة البيع الذي تضمّنه إشكالاً من حيث جهالة عين المبيع فيه ، الموجبة للغرر المنفي ، الموجب لفساد المعاملة ، وصرّح به الأصحاب فيما لو باع شاة غير معلومة من قطيع ، فقالوا : بطل وإن علم عدد ما اشتمل عليه من الشياه وتساوت أثمانها.
( الثالث : لا تباع العين الحاضرة إلاّ مع ) أحد الأُمور المعيِّنة لها (٣) ، الدافعة عن المعاملة بها ما يعدّ في العرف والعادة مجازفة من الكيل أو
__________________
(١) الطنّ بالضم ـ : الحُزمة من الحطب والقَصَب. لسان العرب ١٣ : ٢٦٩.
(٢) التهذيب ٧ : ١٢٦ / ٥٤٩ ، الوسائل ١٧ : ٣٦٥ أبواب عقد البيع وشروطه ب ١٩ ح ١.
(٣) واعلم أن تعيين المبيع مثلاً المعتبر في صحّة البيع تارة يكون من جهة المقدار وأُخرى من جهة الجنس والنوع والشخص والصفة ونحو ذلك ، والتعيين المقداري مرَّ ذكره. والمراد يقول الماتن هنا : لا تباع العين الحاضرة .. بيان اعتبار التعيين بالمعنى الثاني ، وحينئذٍ فلا وجه لذكر التعيين المقداري هنا ، كما لا يخفى ، إلاّ أن يكون المراد منه بيان أن التعيين الثاني غير معتبر في المبيع الذي لا يعتبر تعيينه به بل بالتعيين المقداري خاصة ، فيكون تنبيهاً على أن التعيين الثاني لا يعتبر في مطلق بيع العين الحاضرة ، بل قد يعتبر تعيينه به ، وأما ما لا يعتبر تعيينه إلاّ بالتعيين المقداري فهو كافٍ ، وهو حسن ، إلاّ أنه فرع وجود مثل هذه العين التي لا تحتاج إلى التعيين الثاني ، ولا أظنّه ، فتدبّر. ( منه رحمهالله ).