ونحوه الفاضل المقداد في شرح الكتاب فقال بعد نقل القولين مع الدليل من الطرفين ـ : والأقوى أن نقول : إذا اتّفقوا هم والإمام على قدر معيّن فأراد الإمام بعد ذلك تقسيطه على الرؤوس والأموال جاز ، وأمّا إذا أراد جعل جزية أُخرى على الأرض فلا يجوز للرواية (١). وأشار بها إلى الصحيحين.
أقول : وفي دلالتهما على ذلك أيضاً نظر ، يظهر وجهه ممّا مرّ.
وفي المسالك : أنه احترز بهذا القيد عمّا لو وضعها على رأس بعضهم وعلى أرض بعض آخر ، فانتقلت الأرض التي وضعت عليها إلى من وضعت على رأسه ، فإنه يجتمع عليه الأمران ، لكن ذلك ليس ابتداءً ، بل بسبب انتقال الأرض إليه (٢).
وفيه نظر : فإنّ الاحتراز به عن ذلك إنّما يتمّ لو قيّد للمنع به وليس كذلك ، فإنّه قد أطلق المنع أولاً ، ثم نقل قولاً بالجواز بهذا القيد فيقيّد المنع في غيره قولاً واحداً لا الجواز ، كما لا يخفى ، ثم إنّ الجواز في غير الابتداء بالمعنى الذي ذكره غير واضح ؛ لعدم وضوح دليل عليه ، إلاّ أن يكون إجماعاً ، كما ربما يفهم منه ومن غيره ، بل نفى الخلاف عنه بعض العلماء.
( وإذا أسلم الذمي قبل ) حلول ( الحول سقطت ) عنه ( الجزية ) فلا يجب عليه أداؤها إجماعاً ، كما في المنتهى (٣).
( ولو كان ) إسلامه ( بعده وقبل الأداء ) لها ( فقولان : أشبههما السقوط ) أيضاً وهو أشهر ، بل لا يكاد فيه خلاف يعتدّ به يظهر ، إلاّ من
__________________
(١) التنقيح الرائع ١ : ٥٧٦.
(٢) المسالك ١ : ١٥٧.
(٣) المنتهى ٢ : ٩٦٨.