من غير خلاف بينهم أجده في شيء من الأحكام الثلاثة.
أمّا الأوّل والثاني منها فلقوله سبحانه ( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ ، وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ، فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (١) الآية.
قال في الكنز : وكان أهل مكة قد منعوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عام الحديبية سنة ستّ في ذي القعدة ، وهتكوا الشهر الحرام ، فأجاز الله سبحانه للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه أن يدخلوا في سنة سبع في ذي القعدة لعمرة القضاء مقابلاً لمنعهم في العام الأول.
ثم قال ( وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ) أي يجوز القصاص في كلّ شيء حتى في هتك حرمة الشهور. ثم عمّم الحكم فقال ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) فإنّ دفع الشرّ خير ، وتسمية المجازي معتدياً مجاز ، تسميةً للشيء باسم مقابله إلى أن قال ـ :
ويستفاد من هذه الآية أحكام : الأوّل : إباحة القتال في الشهر الحرام لمن لا يرى له حرمة أعمّ من أن يكون ممن كان يرى الحرمة أولا ، لأنه إذا جاز قتال من يرى حرمته فقتال غيره أولى (٢). انتهى.
وأما الثالث منها فلقوله تعالى ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) (٣).
قال في الكتاب المتقدم : وفي الآية أحكام : الأوّل : تحريم القتال في
__________________
(١) البقرة : ١٩٤.
(٢) كنز العرفان ١ : ٣٤٤.
(٣) البقرة : ٢١٧.