______________________________________________________
هذا ولكن الإنصاف أن الإجماع على عدم حجية رأي المجتهد مع اختلال الشرائط ـ لو تمَّ ـ لا يقتضي عدم الحجية مع ارتفاع الحياة إذا كان محلا للخلاف وارتفاع الحجية بتبدل الرأي إنما هو لكون الحجية مشروطة بعدم ظهور الخطأ له في المستند ، لا لكونها منوطة بالرأي حدوثاً وبقاء. ولذا ترى الشهادة تسقط عن مقام الحجية إذا ظهر للشاهد الخطأ في المستند ، مع أنها حجة بحدوثها إلى الأبد ولا ترتفع حجيتها بموت الشاهد أو نسيانه. وارتفاع الرأي قبل الموت غالباً إن قام إجماع على قدحه فهو خارج عن محل الكلام ، والكلام في غيره من الفروض وإن لم يقم إجماع على ذلك لم يقدح في جريان الاستصحاب. وبالجملة : احتمال حجية الرأي بحدوثه إلى الأبد لا رافع له ، فلا مانع من الاستصحاب.
فان قلت : رأى المجتهد حال حياته وإن دل على ثبوت الحكم في جميع الوقائع السابقة والمقارنة واللاحقة ، إلا أن القدر المتيقن حجيته في غير الوقائع اللاحقة ، فهو بالنسبة إليها غير معلوم الحجية حتى تستصحب بعد الموت ، إذ الاستصحاب حينئذ يكون من قبيل القسم الثالث من استصحاب الكلي.
قلت : إنما يتم الاشكال لو كانت الوقائع ملحوظة بخصوصها موضوعاً للحجية في قبال غيرها ، كأفراد الكلي الملحوظ بعضها في قبال آخر. أما إذا كانت جميع الوقائع ملحوظة بنحو القضية الحقيقية ، والشك إنما هو في مجرد استمرار الحكم إلى الأزمنة اللاحقة ، فلا مانع من الاستصحاب ، إذ الواقعة اللاحقة ـ على هذا المعنى ـ تكون موضوعاً للحكم لو كانت واقعة في حياة المفتي وإنما الشك في خصوصية زمان الحياة ، والاستصحاب شأنه إلغاء احتمال دخل خصوصية الزمان السابق في الحكم. نظير ما لو ثبت أن من ولد في يوم الجمعة يجب ختانه وشك في استمرار الحكم لمن ولد في يوم السبت ، فمن ولد في يوم السبت يعلم بثبوت الحكم له لو كان ولد في يوم الجمعة