______________________________________________________
وفيه : [ أولا ] : ما عرفت آنفا (١) من إجمال المورد ، للجهل بكيفية تمايز ماء الحمام عن الماء الآخر ، والجهل بما يكون وجها للمنع عن الاغتسال بماء الحمام عند ما يوجد الجنب فيه ، وأنه من جهة اختلاط ماء غسله بماء الحمام أو غير ذلك. ولا سيما بملاحظة كثرة وجود الجنب فيه ، وندرة حصول العلم بعدمه ، فلو منع من الاغتسال مع احتمال الجنب لزم الهرج. ولعله لذلك يتعين حملها على ماء الخزانة المتعارف في زماننا ، وحينئذ يتعين حملها على الكراهة ، لعدم الخلاف في الجواز في الكثير إلا من شاذ ، كما سيأتي [ وثانيا ] : أنها معارضة بصحيحته الأخرى « قلت لأبي عبد الله (ع) : الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره اغتسل من مائه؟ قال (ع) : نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه وجئت فغسلت رجلي ، وما غسلتهما الا مما لزق بهما من التراب » (٢).
ومثله في الاشكال الاستدلال بصحيح ابن مسكان : « حدثني صاحب لي ثقة أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق فيريد أن يغتسل ، وليس معه إناء ، والماء في وهدة ، فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟ قال (ع) : ينزح بكف بين يديه ، وكفا من خلفه ، وكفا عن يمينه ، وكفا عن شماله ، ثمَّ يغتسل » (٣) بناء على ظهوره في كون محذور رجوع الغسل في الماء عدم صحة الغسل به. ولكنه غير ظاهر. مع أن نضح الأكف لا يمنع من رجوع الماء ، فإطلاق الأمر بالغسل بعد النضح يدل على جواز الغسل بالماء وان رجع اليه ماء الغسل ، فيكون رادعا عما في ذهن السائل. فالرواية على الجواز أدل. ويؤيد ذلك
__________________
(١) في أول فصل ماء الحمام.
(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب الماء المطلق حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الماء المضاف حديث : ٢.