______________________________________________________
إناءين أو إناء ثالث ، إذ في هذا الفرض لما كان أحد العلمين سابقاً والآخر لاحقاً ، كان السابق موجبا لانحلال اللاحق به ، وسقوطه عن التأثير ، بخلاف فرض اقتران العلمين ، فإنه يمتنع أن ينحل أحدهما بالآخر ، لأنه ترجيح بلا مرجح ، فان انحلال أحد العلمين بالعلم الآخر بحيث يسقط العلم المنحل عن التأثير ليس حقيقيا ، بل هو حكمي ـ كما أشرنا إليه في بعض المباحث السابقة ـ وليس عقلياً ، بل هو عقلائي لأن البرهان المذكور في الاستدلال على كونه عقلياً مدخول فيه ، إذ لا مانع من كون كل من العلمين منجزاً لمتعلقه. واحتمال انطباقهما على فرد واحد لا يقدح في ذلك ، بل يكون من باب اجتماع علتين على معلول واحد ، فيستند الأثر إليهما معا. كما لو اقترن العلمان.
ودعوى : أن التنجز في صورة الاقتران مستند الى علم ثالث وهو القائم بين طرفين وطرف ثالث. [ فيها ] : أن هذا العلم عين العلمين لانحلاله إليهما ، فيكون حاله بالنسبة إليهما حال الكل بالنسبة إلى أجزائه ، كما يظهر بالتأمل. فالانحلال في جميع موارده ليس عقلياً ، بل هو عقلائي بمعنى أن العقلاء لا يرون اللاحق حجة على مؤداه ، بل يرون السابق هو الحجة لا غير. ولا مانع من الالتزام به في المقام ، فإنه الذي بنى عليه العقلاء. فاذا كان العلم السابق هو المنجز للأصلين اللذين أحدهما طرف الملاقي ـ بالفتح ـ يكون العلم اللاحق حادثا ، وأحد طرفيه منجزاً سابقاً ، فينحل ، ولا يجب الاحتياط في الطرف الآخر ، وهو الملاقي ـ بالكسر ـ بل يرجع فيه الى أصل الطهارة. ولو بني على الإشكال في الانحلال فيما نحن فيه أشكل الأمر في موارد الانحلال الذي لا يكون بين العلم السابق واللاحق ترتب عقلي.
وبالجملة : بعد ما كان الإناء الثالث الذي هو طرف الملاقي ـ بالفتح ـ متنجزاً بالعلم الإجمالي بالتكليف بينهما ، وكان باقيا على تنجزه الى زمان