______________________________________________________
وربما يستدل على الجواز بما ورد في الرجوع إلى شخص معين ، فإن إطلاقه يقتضي جواز الرجوع إليه وإن كان غيره أعلم. وفيه : أن الإرجاع على نحو الخصوص كالارجاع على نحو العموم إنما يقتضي الحجية في الجملة ولا يشمل صورة الاختلاف ، وإلا تعارض مع ما دل على الإرجاع إلى غيره بالخصوص ، بل مع ما دل على الإرجاع على نحو العموم ، فيكون كتعارض تطبيقي العام بالإضافة إلى الفردين المختلفين ، كما لا يخفى. واحتمال التخصيص يتوقف على احتمال الخصوصية في الشخص المعين وهو منتف. ولو سلم اختص الحكم بذلك الشخص بعينه ، ولا يطرد في غيره من الأشخاص.
وبالجملة : فلا يتضح دليل على جواز تقليد المفضول مع تيسر الرجوع إلى الأفضل ، ومقتضى بناء العقلاء تعين الرجوع إلى الأفضل ، والتشكيك في ثبوت بناء العقلاء على ذلك يندفع بأقل تأمل.
مضافاً إلى الأصل العقلي عند دوران الأمر في الحجية بين التعيين والتخيير الذي عرفته فيما سبق ، فان رأي الأفضل معلوم الحجية ، ورأي المفضول مشكوك الحجية. لكنه لا يطرد العمل بهذا الأصل مع سبق تقليد المفضول ، لعدم وجود الأفضل ثمَّ تجدد وجوده ، فان استصحاب بقاء الأحكام الظاهرية وارد على الأصل المذكور إذا كانت الأحكام غير اقتضائية ، وكذا إذا كانت اقتضائية من جهة الإشكال في جريان استصحابها ، لأنه من الاستصحاب التعليقي بالإضافة إلى الوقائع المتجددة ، المعارض بالاستصحاب التنجيزي ، وبعد التساقط يرجع إلى الأصل العقلي المقتضي للتخيير بين البقاء والعدول ، كما عرفت ذلك في مسألة جواز البقاء على تقليد الميت فلاحظ.
وأما مقبولة ابن حنظلة (١) الواردة في رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث قال فيها : « فان كان كل منهما اختار رجلا من أصحابنا
__________________
(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ١.