______________________________________________________
أنه غير معقول. وندرة تساوي النافرين والمسؤولين مسلمة ، لكنها غير كافية إلا مع ندرة الاتفاق في الفتوى ، وهي ممنوعة ، بل الاختلاف في مورد الآيتين أولى بالندرة. بل ما لم يحرز الاختلاف لا تصلح الآيتان الشريفتان دليلا على جواز الرجوع إلى غير الأعلم ، لأن الحمل على الحجية التخييرية خلاف ظاهر الأدلة ، ومنها الآيتان ، فالحمل عليها محتاج إلى قرينة. نعم لو علم الاختلاف كان هو القرينة ، وإلا فلا قرينة تستدعي الحمل على خلاف الظاهر.
ومن ذلك يظهر الإشكال في الاستدلال بالسيرة ، إذ مجرد قيام السيرة على الرجوع إلى المختلفين في الفضيلة لا يجدي في جواز الرجوع إليهم مع الاختلاف في الفتوى ، ولم تثبت سيرة على ذلك. والعلم بوجود الخلاف بينهم وإن كان محققاً ، لكن ثبوت السيرة على الرجوع إلى المفضول غير معلوم ، بل بعيد جداً فيما هو محل الكلام ، أعني : صورة الاختلاف المعلوم وإمكان الرجوع إلى الأعلم.
وأما لزوم العسر فممنوع كلية ، كيف وقد عرفت أن المشهور المدعى عليه الإجماع وجوب الرجوع إلى الأعلم في أكثر الأعصار ، ولم يلزم من العمل بهذه الفتوى عسر على المقلدين. نعم لو بني على وجوب الرجوع إلى الأعلم على نحو يجب الفحص عنه مهما احتمل وجوده كان ذلك موجباً للعسر غالباً. لكنه ليس كذلك ، لما يأتي. وبالجملة : محل الكلام ما إذا أمكن الرجوع إلى الأعلم بلا عسر ولا حرج.
وأما الاستدلال الأخير : فإنما يتم لو كان الرجوع إلى غير الأعلم ممنوعاً عقلا ذاتاً ، وأما إذا كان من جهة عدم الدليل على حجية فتوى غير الأعلم فالمقايسة غير ظاهرة ، لقيام الدليل على جواز الرجوع إلى غير المعصوم مع إمكان الرجوع إليه.