______________________________________________________
موضوعيهما امتنع أن تكون إحداهما مؤكدة للأخرى ، ولا وجود إحداهما بقاء للأخرى ، لأن البقاء عين الحدوث وجوداً ، فلا يكون بينهما اختلاف رتبة. وحينئذ فالمعلوم وجودها حال الحياة الحرمة التي موضوعها اللامذكى وهي زائلة قطعاً بعد التذكية والمحتمل وجودها بعد التذكية هي الحرمة الثابتة للذات نفسها ، وهو وجود آخر يحتمل مقارنته لوجود الحرمة الزائلة وبقاؤه بعد زوالها. فيكون الاستصحاب من قبيل القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي ، الذي ليس بحجة على التحقيق.
هذا وهذا التقريب يبتني على كون وصف اللامذكى مأخوذاً في موضوع الحرمة على نحو الجهة التقييدية عرفا ، ووصف التغير في مسألة نجاسة المتغير مأخوذاً في موضوع النجاسة على نحو الجهة التعليلية عرفا. ولكنه غير واضح فالبناء على عدم جريان الاستصحاب لأجله غير ظاهر.
نعم لا بأس بالرجوع في إثبات الحل إلى عمومات الحل ، مثل قوله تعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ... ) (١) وقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) (٢) وقوله تعالى ( يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) (٣) ونحوها ، الحاكم على الاستصحاب لو سلم جريانه. واستصحاب حكم المخصص في مثله غير جار ، لكون التخصيص من أول الأمر ، كما لا يخفى.
المسألة الثانية : في حكم الحيوان المعلوم العنوان مع الشك في حله وحرمته وفي قبوله للتذكية وعدمه ، فنقول : لا ينبغي التأمل في أن المستفاد من ملاحظة موارد استعمال لفظ التذكية أنها عبارة عن صفة خاصة تحدث
__________________
(١) الانعام : ١٤٥.
(٢) المائدة : ٥.
(٣) المائدة : ٤.