______________________________________________________
كاشفة عن خلل فيها ، من جهة السند ، أو جهة الصدور ، وهو غير ظاهر في المقام ، فان المذكور في كلام غير واحد أن الوجه في إعراضهم عنها ترجيح نصوص النجاسة عليها ، لموافقتها للاحتياط وللكتاب ومخالفتها العامة فإذا تبين الخطأ في ذلك لأن الرجوع الى المرجحات يكون مع تعذر الجمع العرفي مع أنه ممكن هنا ، بحمل نصوص النجاسة على الكراهة ، كما تقدم في صحيح إسماعيل بن جابر.
مندفعة : بأن ذلك الخطأ لو جاز على بعضهم فلا يجوز على جميعهم كيف؟ ولم يزل بناؤهم على الجمع العرفي في أمثال المقام ، كما يظهر بأدنى تتبع في المسائل الفقهية. فالأشبه أن يكون التعليل بما ذكر من قبيل التعليل بعد الورود. والعمدة في الحكم عندهم الإجماع. واحتمال ان هذا الإجماع حدث في العصر المتأخر عن عصر المعصومين (ع) ، فلا يقدح بالعمل بنصوص الطهارة. بعيد جداً ، فإن كثرة الابتلاء بموضوع الحكم مما يمنع التفكيك بين الأزمنة في وضوحه وخفائه ، بحيث يكون بناء أصحاب الأئمة (ع) على الطهارة ، وخفي ذلك على من تأخر عنهم فتوهموا بناءهم على النجاسة فبنوا عليها تبعا لهم. [ وبالجملة ] : الوثوق النوعي المعتبر في حجية الخبر لا يحصل في أخبار الطهارة بعد هذا الإجماع.
وأما آية حل طعام أهل الكتاب (١) فلا مجال للاستدلال بها على الطهارة ، بعد ورود النصوص الصحيحة المفسرة له بالحبوب (٢). مع أن ظهورها في الطهارة غير ظاهر ، لأن الظاهر من الحل فيها الحل التكليفي بقرينة السياق مع قوله تعالى ( وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) وهذا الحل كما لا يعارض ما دل على حرمة المغصوب لا يعارض ما دل على حرمة النجس. والظاهر
__________________
(١) وهي قوله تعالى ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) المائدة : ٥.
(٢) راجع الوسائل باب : ٥١ من أبواب الأطعمة المحرمة.