______________________________________________________
المتسبب تتوقف على ظهور الدليل في كون الخطاب بالحرمة على النحو الثاني ، وهو غير ظاهر. نعم قد يستفاد من صحيح معاوية الوارد في بيع الزيت المتنجس لقوله (ع) فيه : « ويبينه لمن اشتراه ليستصبح به » (١) من جهة أن الاستصباح ليس محبوباً ومأموراً به ، ولا مما يترتب على التنبيه والاعلام ، فلا بد أن يكون التعليل به عرضياً ، والعلة في الحقيقة هي ترك الأكل ، فيكون ترك أكل المشتري واجباً على البائع ، كما تقدم بيان ذلك في مبحث الماء المتنجس. وتقدم أيضاً الاستدلال على حرمة التسبب الى فعل غيره للحرام : بأن استناد الفعل الى السبب أقوى. فنسبة الفعل إليه أولى ، كما تقدم الاشكال فيه فراجع.
ثمَّ إن الصحيح المتقدم وان كان مورده الزيت المتنجس ، لكن يجب التعدي عنه الى مطلق المأكول والمشروب ، بقرينة التعليل ، المحمول على الارتكاز العرفي ، فإن مقتضاه عدم الفرق بين الزيت وغيره. نعم يشكل التعدي عن المأكول والمشروب الى غيرهما من المحرمات. لعدم مساعدة الارتكاز عليه. فالاقتصار عليهما متعين. ويشير الى ذلك موثق ابن بكير (٢) المتضمن للنهي عن اعلام المستعير إذا أعاره ثوباً لا يصلي فيه. وعليه فلا يجب الاعلام إذا كان يتوقف ترك استعمال النجس في غير الأكل والشرب عليه ، وكذا في سائر المحرمات غير النجس إذا كان يتوقف تركها عليه.
ومن ذلك يظهر لك الفرق بين مقتضى الصحيح المذكور ومقتضى الاستدلال المتقدم على حرمة التسبيب ، فان بينهما عموماً من وجه ، إذ مقتضى الصحيح وجوب الاعلام وان لم يكن هناك تسبيب. ولكنه يختص بالنجس من حيث استعماله في الأكل والشرب ، فلا يشمل غير النجس ،
__________________
(١) الوسائل باب : ٤٣ من أبواب الأطعمة المحرمة ملحق حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب النجاسات حديث : ٣.