______________________________________________________
التفت المقلد الى ذلك شك في جواز البقاء وحرمته ، وحينئذ يمتنع أن يرجع في جواز البقاء الى المجتهد الذي قد قلده ، للشك في حجية فتواه ، فلا بد أن يرجع الى غيره. نظير ما لو مات المجتهد ، فان الشك في حجية فتواه بعد الموت لا يرتفع بفتواه بجواز البقاء على تقليد الميت ، فيتعين على المقلد بمقتضى حكم عقله الرجوع الى الحي. وكذا في مسألتنا يتعين عليه الرجوع الى الأعلم ، ولا يلتفت الى فتوى من قلده مهما كانت ولو كانت حرمة العدول ، لامتناع رجوعه إليه في ذلك بعد كون مناط الشك في الحجية موجوداً في مسألة جواز البقاء كسائر المسائل الفرعية. هذا حال المقلد في نفسه بملاحظة شكه. وأما حكمه بعد الرجوع إلى الأعلم في مسألة جواز البقاء وعدمه فهو وجوب العدول ، لأن بناء العقلاء على وجوب الرجوع الى الأعلم لا فرق فيه بين الابتداء والاستدامة ، وكما يجب الرجوع إليه في الابتداء يجب العدول إليه في الاستدامة.
الصورة الثانية : أن يقلده في هذه المسألة بالخصوص ثمَّ يصير غيره أعلم فإن الرجوع إليه في هذه المسألة ممتنع ، لأنه من إثبات حجية الفتوى بالفتوى نفسها ، ولأجل ذلك كان عدم جواز رجوع المقلد اليه فيها أوضح من الصورة السابقة لاختلاف الموضوع فيها ، لأن الرجوع إليه في المسألة الأصولية بلحاظ البقاء في المسألة الفرعية ، وفي هذه الصورة يكون الرجوع إليه في المسألة الأصولية بلحاظ البقاء فيها نفسها ، فيتعين عليه الرجوع فيها الى غيره ، ولا يلتفت الى فتوى مرجعه الأول أصلا ، وحكمه بعد الرجوع الى الأعلم أيضاً وجوب العدول في المسائل الفرعية ، وأما المسألة الأصولية ـ أعني : مسألة جواز البقاء وعدمه ـ فلا يمكن فيها البقاء والعدول لكون المفروض الرجوع فيها الى غيره ، فلو كانت فتوى غيره الأعلم وجوب البقاء فالمراد البقاء في المسائل الفرعية لا المسألة الأصولية ، كما هو