______________________________________________________
حجة في نظر السامع ، فإنه لا يجب ، لعدم ترتب الأثر المذكور. ولا تبعد استفادة ذلك أيضاً مما تضمن أن الغرض من إرسال الرسل قطع اعذار المكلفين واقامة الحجة عليهم ، مثل قوله تعالى ( أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ) (١) ( لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٢) ( فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) (٣) ونحوه. فتأمل. ثمَّ إن الظاهر اختصاص هذا الصنف من الآيات بالحكم الإلزامي ، فإذا كان المجهول حكما غير إلزامي لم يجب إعلامه.
وأما آية الكتمان (٤) فظاهرها وجوب الإظهار في مقام الاستعلام ، سواء ترتب عليه الإنذار أم لا ، وسواء اكان الاستعلام بطريق السؤال ـ كما في المتردد إذا سأل عن الحكم ـ أم بمحض وجود الداعي إلى معرفة الحكم والعلم به وان كان غافلا عن ذلك ، سواء اكان معتقداً لخلاف الواقع أم غافلا عنه ، أم متردداً غافلا عن وجود من يجب سؤاله ، أم غير ذلك من موارد وجود الرغبة النفسانية في معرفة الحكم ، ولو لم تدفع إلى السؤال لوجود المانع. فيكون بين مفاد الآية الشريفة وما سبق العموم من وجه ، ولعدم التنافي بين المفادين ـ لكونهما من قبيل المثبتين ـ يتعين العمل بهما معاً. ولازم ذلك وجوب البيان مع السؤال وان لم يكن السائل معذوراً في جهله. بل لعلها تقتضي وجوبه مع عدم اعتقاد السائل حجية الخبر ، وقد عرفت عدم اقتضاء آية النفر وجوب الإعلام حينئذ.
__________________
(١) المائدة : ١٩.
(٢) النساء : ١٦٥.
(٣) الانعام : ١٤٩.
(٤) وهي قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ ) البقرة : ١٥٩.