______________________________________________________
ولو اقترنا لم ينفذ أحدهما ، لعدم المرجح ، ونفوذهما معا ممتنع للتنافي. وفي كفاية سبق حضور أحدهما عند الحاكم في تعينه إشكال ، والأظهر عدمه لعدم الدليل عليه. نعم وجوب طلب الحاكم لغير الحاضر ووجوب اجابته عليه يقتضي تقديم الحاكم الذي يسبق الحضور عنده بعد الطلب ، لا تقديم الحاكم بمجرد الحضور عنده وان لم يطلب لعذر.
وأما الصورة الثانية بقسميها : فالمشهور المدعى عليه الإجماع وجوب الرجوع إلى الأعلم ، لما في مقبولة ابن حنظلة من قوله : « فان كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم. فقال (ع) : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ... » (١). لكن موردها صورة اختلاف الحكمين ، والتعدي عنه إلى غيرها محتاج إلى قرينة مفقودة. بل هو خلاف ظاهر إطلاق ما في صدر الرواية فالعمل عليه متعين. ولا سيما وأن البناء على الترجيح بذلك يستدعي الترجيح بغيره من المرجحات المذكورة في رتبة المرجح المذكور وفي غيرها من الرتب ، وهو مما لم يلتزم به أحد.
نعم إذا كانت الشبهة حكمية وكان الأعلم قد تعين تقليده على المتخاصمين وجب الترافع عنده ، لما عرفت من وجوب تقليد الأعلم. أما إذا كانت الشبهة موضوعية ، أو كان الخصمان مجتهدين ، أو مقلدين لمن هو أعلم منه مع الاتفاق في الفتوى ، جاز الترافع إلى غير الأعلم.
وبالجملة : ما دام لم يلزم من رفع المدعي أمره إلى غير الأعلم مخالفة لفتوى الأعلم الحجة لا مانع من الرجوع إلى غير الأعلم ويجب على الخصم متابعته. بل بناء على ما يأتي ـ من حجية الحكم بنحو يجوز نقض الفتوى به ، ومن وجوب سماع الدعوى غير الجازمة يجوز لمن يقلد الأعلم في عدم
__________________
(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ١.