لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) أي بئس القرين لأنه يدعوه إلى المعصية المؤدية إلى النار (وَما ذا عَلَيْهِمْ) أي أيّ شيء عليهم (لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) قطع الله سبحانه بهذا عذر الكفار في العدول عن الإيمان (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) يجازيهم بما يسرون : ان خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا فلا ينفعهم ما ينفقون على وجه الرياء.
٤٠ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ) أحدا قطّ (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) أي زنة ذرة ، وهي النملة الحمراء الصغيرة التي لا تكاد ترى وإنما خصّها بالذكر لأنها أقل شيء مما يدخل في وهم البشر (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها) ومعناه : وان تك زنة الذرة حسنة يقبلها ويجعلها أضعافا كثيرة وكلتا الآيتين غاية في الحث على الطاعة ، والنهي عن المعصية وقوله : (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ) أي يعط من عنده (أَجْراً عَظِيماً) أي جزاء عظيما ، وهو ثواب الجنة.
٤١ ـ ٤٢ ـ لمّا ذكر اليوم الآخر وصف حال المنكرين له فقال : (فَكَيْفَ) أي فكيف حال الأمم وكيف يصنعون (إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) من الأمم (بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (عَلى هؤُلاءِ) يعني قومه (شَهِيداً) وهذا كما تقول العرب للرجل في الأمر الهائل يتوقعه : كيف بك إذا كان كذا؟ يريد بذلك تعظيم الأمر وتهويله وتحذيره وانذاره به ، وحثّه على الاستعداد له ، ومعنى الآية : ان الله يستشهد يوم القيامة كل نبي على أمته فيشهد لهم وعليهم ، ويستشهد نبينا على أمته وفي هذه الآية مبالغة في الحث على الطاعة واجتناب المعصية ، والزجر عن كل ما يستحى منه على رؤوس الأشهاد ، لأنه يشهد للإنسان وعليه يوم القيامة شهود عدول لا يتوقف في الحكم ، بشهادتهم ولا يتوقع القدح فيهم ، وهم الأنبياء والمعصومون ، والكرام الكاتبون ، والجوارح ، والمكان والزمان كما قال : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وقال : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) معناه : لو يجعلون والأرض سواء كما قال تعالى : ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) أي أنهم لا يكتمون الله شيئا من أمور دنياهم وكفرهم ، بل يعترفون به فيدخلون النار باعترافهم ، وإنما لا يكتمون لعلمهم بأنه لا ينفعهم الكتمان.
٤٣ ـ لمّا أمر سبحانه في الآية المتقدمة بالعبادة ذكر عقيبها ما هو من أكبر العبادات وهو الصلاة فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) أي لا تصلوا وأنتم سكارى (وَأَنْتُمْ سُكارى) أي نشاوى ، والمراد به سكر الشراب (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) أي حتى تميزوا ما تقولون (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) معناه لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب إلّا ان تكونوا مسافرين فيجوز لكم أداؤها بالتيمم (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) قيل : نزلت في رجل من الأنصار كان مريضا ولم يستطع أن يقوم فيتوضأ ، فالمرض الذي يجوز معه التيمم مرض الجراح والكسر والقروح اذا خاف أصحابها من مسّ الماء (أَوْ عَلى سَفَرٍ) معناه : أو كنتم مسافرين (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) وهو كناية عن قضاء الحاجة (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) المراد به الجماع عن علي (ع) وقوله : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) راجع إلى المرضى والمسافرين جميعا : أي مسافر لا يجد الماء ، ومريض لا يجد من يوضؤه ، أو يخاف الضرر من استعمال الماء (فَتَيَمَّمُوا) أي تعمدوا وتحروا واقصدوا (صَعِيداً) الصعيد وجه الأرض (طَيِّباً) أي طاهرا (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) هذا هو التيمم بالصعيد الطيب (إِنَّ اللهَ