أخينا عنه ، وقيل معناه : ما نطلب بما أخبرناك عن ملك مصر الكذب ، وقيل معناه : أيّ شيء نطلب وراء هذا ، أوفى لنا الكيل وردّ علينا الثمن (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) أي فلا ينبغي أن نخاف على أخينا ممن قد أحسن إلينا هذا الإحسان (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) أي نجلب إليهم الطعام (وَنَحْفَظُ أَخانا) في السفر حتى نرده إليك (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) لأجله لأنه كان يكال لكل رجل وقر بعير (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) معناه : ان الذي جئناك به كيل قليل لا يقنعنا ، فنحتاج أن نضيف إليه كيل بعير أخينا (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) أي تعطونني ما يوثق به من يمين أو عهد من الله (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) أي لتردنه إليّ (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) أي إلا أن تهلكوا جميعا (فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ) أي أعطوه عهودهم وحلفوا له (قالَ) يعقوب (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) أي شاهد حافظ إن أخلفتم انتصف لي منكم. وفي هذا دلالة على وجوب التوكل على الله سبحانه في جميع المهمات ، والتفويض إليه في كل الأمور ، وفيها دلالة أيضا على أن يعقوب (ع) إنما أرسل ابن يامين معهم لأنه علم أنهم لما كبروا ندموا.
٦٧ ـ ٦٨ ـ (وَ) لما تجهّزوا للمسير (قالَ) يعقوب (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا) مصر (مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) خاف عليهم العين لأنهم كانوا ذوي جمال وهيئة وكمال (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) أي وما أدفع من قضاء الله من شيء ان كان قد قضى عليكم الإصابة بالعين أو غير ذلك (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فهو القادر على أن يحفظكم من العين أو من الحسد ، ويردكم علي سالمين (وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي وليفوضوا أمورهم إليه ، وليثقوا به (وَلَمَّا دَخَلُوا) مصر (مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) أي من أبواب متفرقة كما أمرهم يعقوب ، وكان لمصر أربعة أبواب فدخلوها من أبوابها الأربعة متفرقين (ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) أي لم يكن دخولهم مصر كذلك يغني عنهم أو يدفع عنهم شيئا أراد الله تعالى إيقاعه بهم من حسد أو إصابة (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ) أي ذو يقين ومعرفة بالله (لِما عَلَّمْناهُ) أي لأجل تعليمنا إياه مدحه الله سبحانه بالعلم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لا يعلم المشركون ما الهم الله أولياءه ، عن ابن عباس.
٦٩ ـ ٧٦ ـ ثم أخبر سبحانه عن دخولهم عليه فقال (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ) أي لما دخل أولاد يعقوب على يوسف ضمّ إليه أخاه من أبيه وأمه ابن يامين ، وأنزله معه وقيل : إنهم لما دخلوا عليه قالوا هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به فقال : أحسنتم ، ثم أنزلهم وأكرمهم ، ثم أضافهم وقال : ليجلس كل بني أم على مائدة فجلسوا ، فبقي ابن يامين قائما فردا فقال له يوسف : مالك لا تجلس؟ قال : إنك قلت : ليجلس كل بني أم على مائدة وليس لي فيهم ابن أم فقال يوسف : أفما كان لك ابن أم؟ قال : بلى قال يوسف فما فعل؟ قال : زعم هؤلاء أن الذئب أكله قال : فما بلغ من حزنك عليه؟ قال : ولد لي أحد عشر ابنا كلهم اشتقت له اسما من اسمه فقال له يوسف أراك قد عانقت النساء ، وشممت الولد من بعده قال ابن يامين : إن لي أبا صالحا وقد قال لي : تزوج لعل الله يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح فقال له يوسف : تعال فاجلس معي على مائدتي فقال اخوة يوسف : لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته ، روي ذلك عن الصادق (ع) (قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ) أي أطلعه على أنه أخوه (فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي فلا تحزن لشيء سلف من إخوتك إليك (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) أي فلما أعطاهم ما