عباده وقيل : تمّت كلمة ربك صدقا بأن وقع مخبرها على ما أخبر به (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) بكفرهم (وَكُلًّا) أي وكل القصص (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) أي من اخبارهم (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) أي ما نقوّي به قلبك ، ونطيب به نفسك ، ونزيدك به ثباتا على ما أنت عليه من الإنذار ، والصبر على أذى قومك الكفار (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُ) أي في هذه السورة عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقيل في هذه الدنيا عن قتادة وقيل : في هذه الأنباء عن الجبائي ، والحق : الصدق من الأنباء ، والوعد والوعيد وقيل معناه : وجاءك في ذكر هذه الآيات التي ذكرت قبل هذا الموضع الحق في أن الخلق يجازون بانصبائهم في قوله : (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ) وإن كلا لما ليوفينهم ، وقد جاء في القرآن كله الحق ولكنه ذكرها هنا توكيدا وليس إذا قيل : قد جائك في هذا الحق وجب أن يكون لم يأتك الحق إلّا فيه ، ولكن بعض الحق أوكد من بعض عن الزجاج (وَمَوْعِظَةٌ) أي وجاءك موعظة تعظ الجاهلين بالله ، وتزجر الناس عن المعاصي (وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) تذكرهم الآخرة (وَقُلْ) يا محمد (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) هذا مثل قوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (إِنَّا عامِلُونَ) على ما أمرنا الله تعالى به ، وقد مرّ تفسير هذه الآية فيما مضى (وَانْتَظِرُوا) أي توقعوا ما يعدكم ربكم على الكفر من العقاب (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) ما يعدنا على الإيمان من الثواب وقيل : ما يعدنا من النصر والعلو (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) معناه : ولله علم ما غاب في السماوات والأرض لا يخفى عليه شيء منه عن الضحاك ، وقيل معناه : والله مالك ما غاب في السماوات والأرض وقيل معناه : ولله خزائن السماوات والأرض (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) أي إلى حكمه يرجع في المعاد كل الأمور ، لأن في الدنيا قد يملك غيره بعض الأمر والنهي والنفع والضر (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) يريد أن من له ملك السماوات والأرض ، وإليه يرجع جميع الأمور ، فحقيق أن يعبد ويتذلل له ، ويتوكل عليه ، ويوثق به (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ) أي بساه (عَمَّا تَعْمَلُونَ) أي عن أعمال عباده بل هو عالم بها ، ومجاز كلا منهم عليها ما يستحقه من ثواب وعقاب ، فلا يحزنك يا محمد اعراضهم عنك ، وتركهم القبول منك.
سورة يوسف مكية
عدد آيها مائة وإحدى عشرة آية
١ ـ ٣ ـ (الر) قد سبق الكلام فيه في أول البقرة ، وإنما لم يعد آية لأنه على حرفين ، ولا يشاكل رؤوس الآي ، وعدّ طه آية لأنه يشبه رؤوس الآي (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) قيل : في معنى الإشارة بتلك وجوه (أحدها) انه إشارة إلى ما سيأتي من ذكرها على وجه التوقع لها (والثاني) أنه إشارة إلى السورة أي سورة يوسف آيات الكتاب المبين (والثالث) أن معناه هذه الآيات تلك التي وعدتم بها في التوراة كما قال (الم ذلِكَ الْكِتابُ) عن الزجاج (الْمُبِينِ) المظهر لحلال الله وحرامه ، والمعاني المرادة فيه عن مجاهد وقتادة والمبين والمبيّن واحد والبيان هو الدلالة (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) يعني القرآن ، أي أنزلنا هذا الكتاب وقيل أنزلنا خبر يوسف وقصته عن الزجاج قال لأن علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين سلوا محمدا لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر وعن قصة يوسف (ع) فقال إنا أنزلناه (قُرْآناً عَرَبِيًّا) على مجاري كلام العرب في محاورتهم وروى ابن عباس عن النبي (ص) قال أحبّ العرب لثلاث لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي لتعلموا جميع معانيه ، وتفهموا ما فيه وقيل معناه لتعلموا أنه من عند الله إذ كان عربيا وعجزتم عن الإتيان بمثله وفي هذه الآية دلالة على أن كلام الله سبحانه محدث وأنه غير الله لأنه وصفه بالإنزال وبأنه عربي ولا يوصف بذلك القديم سبحانه (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) أي نبيّن لك أحسن البيان (بِما