رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) اختلف في معناه على قولين (احدهما) انهم لا يشركون عبيدهم في أموالهم حتى يكونوا فيه سواء ، ويرون ذلك نقصا فلا يرضون لأنفسهم به ، وهم يشركون عبيدي في ملكي وسلطاني ، ويوجهون العبادة والقرب إليهم كما يوجهونها اليّ عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ، قال ابن عباس : إذا لم ترضوا ان تجعلوا عبيدكم شركاءكم فكيف جعلتم عيسى إلها معه وهو عبده ، ونزلت في نصارى نجران (والثاني) ان معناه : فهؤلاء الذين فضلهم الله في الرزق من الأحرار لا يرزقون مماليكهم ، بل الله رازق الملاك والمماليك ، فإن الذي ينفقه المولى على مملوكه انما ينفقه مما رزقه الله تعالى ، فالله تعالى رازقهم جميعا ، فهم سواء في ذلك (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) أي أفبهذه النعمة التي عددتها واقتصصتها يجحد هؤلاء الكفار ، ثم عدّد سبحانه نعمة أخرى فقال (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) أي جعل لكم من جنسكم ومن الذي تلدونهم نساء جعلهن أزواجا لكم لتسكنوا إليهن ، وتأنسوا بهن (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ) يعني من هؤلاء الأزواج (بَنِينَ) تسرّون بهم ، وتتزينون بهم (وَحَفَدَةً) اختلف في معناه على أقوال فقيل : هم الخدم والأعوان ، عن ابن عباس والحسن ، وقيل : هم البنون وبنو البنين (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أي الأشياء التي تستطيبونها قد أباحها لكم وإنما دخلت من لأنه ليس كل ما يستطيبه الإنسان رزقا له ، وإنما يكون رزقه ما له التصرّف فيه ، وليس لأحد منعه عنه (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) يريد بالباطل الأوثان والأصنام وما حرّم عليهم ، وزينه الشيطان من البحائر وغيرها أفبذلك يصدقون (وَبِنِعْمَةِ اللهِ) التي عددها (هُمْ يَكْفُرُونَ) أي يجحدون ، ويريد بنعمة الله التوحيد والقرآن ، ورسول الله (ص) (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً) أي لا يملك ان يرزقهم (مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ) شيئا مما ذكرناه وقيل : ان رزق السماء الغيث الذي يأتي من جهتها ، ورزق الأرض النبات والثمار وغير ذلك من أنواع النعم التي تخرج من الأرض (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) أي لا تجعلوا لله الأشباه والأمثال في العبادة فإنه لا شبه له ولا مثل ، ولا أحد يستحق العبادة سواه ، وانما قال ذلك في اتخاذهم الأصنام آلهة عن ابن عباس وقتادة (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) ان من كان إلها فانه منزه عن الشركاء (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) معناه : والله يعلم ما عليكم من المضرة في عبادة غيره وأنتم لا تعلمون ، ولو علمتم لتركتم عبادتها.
٧٥ ـ ٧٧ ـ ثم بيّن سبحانه للمشركين أمر ضلالتهم فقال (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) أي بيّن الله مثلا فيه بيان المقصود تقريبا للخطاب الى افهامهم ، ثم ذكر ذلك المثل فقال : عبدا مملوكا لا يقدر من أمره على شيء (وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) يريد وحرّا رزقناه وملكناه مالا ونعمة (فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) لا يخاف من أحد (هَلْ يَسْتَوُونَ) يريد أن الاثنين المتساويين في الخلق إذا كان أحدهما مالكا قادرا على الإنفاق ، والآخر عاجزا عن الانفاق لا يستويان فكيف يستوي بين الحجارة التي لا تعقل ولا تتحرك وبين الله عز اسمه القادر على كل شيء ، الخالق الرازق لجميع خلقه؟! (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي الشكر لله على نعمه ، وفيه اشارة إلى ان النعم كلها منه (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) يعني ان اكثر الناس وهم المشركون لا يعلمون ان الحمدلي ، وان جميع النعمة مني. ثم ضرب سبحانه مثلا آخر فقال (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) من الكلام لأنه لا يفهم ولا يفهم عنه (وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) أي ثقل ووبال على وليه الذي يتولى أمره (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) معناه : انه لا منفعة لمولاه فيه أينما يرسله في حاجة لا يرجع بخير ، ولا يهتدي إلى منفعة (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ) أي هذا الأبكم الموصوف بهذه الصفة (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) أي ومن هو فصيح