بمعنى أنه يحيط عذابه بجميع الكفار ولا يفلت منه أحد منهم ، (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) أي أوفوا حقوق الناس في المكيلات والموزونات بالعدل ، بالمكيال والميزان بالعدل (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ) أي ولا تنقصوا الناس (أَشْياءَهُمْ) أي أموالهم (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) لا تسعوا بالفساد (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) البقية بمعنى الباقي ، أي ما أبقى الله تعالى لكم من الحلال بعد اتمام الكيل والوزن خير من البخس والتطفيف وشرط الإيمان في كونه خيرا لهم لأنهم إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة هذا القول عن ابن عباس وقيل معناه : ابقاء الله النعيم عليكم خير لكم مما يحصل من النفع بالتطفيف عن ابن جبير وقيل معناه : طاعة الله خير لكم من جميع الدنيا لأنها يبقى ثوابها أبدا والدنيا تفنى عن الحسن ومجاهد ، ويؤيده قوله (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً) الآية وقيل : بقية الله رزق الله عن الثوري (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) أي وما أنا بحافظ نعم الله تعالى عليكم أن يزيلها عنكم ، وإنما يحفظها الله عليكم ، فاطلبوا بقاء نعمه بطاعته وقيل معناه وما أنا بحافظ لأعمالكم وإنما يحفظها الله فيجازيكم عليها وقيل معناه وما أنا بحافظ عليكم كيلكم ووزنكم حتى توفوا الناس حقوقهم ولا تظلمونهم وانما علي ان انهاكم عنه (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) إنما قالوا ذلك لأن شعيبا (ع) كان كثير الصلاة وكان يقول إذا صلى : إن الصلاة رادعة عن الشر ، ناهية عن الفحشاء والمنكر فقالوا : أصلاتك التي تزعم أنها تأمر بالخير ، وتنهى عن الشر أمرتك بهذا؟! (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) معناه : أصلاتك تأمرك بترك عبادة ما يعبد آباؤنا ، أو بترك فعل ما نشاء في أموالنا من البخس والتطفيف (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) أي أنك أنت الحليم في قومك فلا يليق بك أن تخالفهم ، والحليم : الذي لا يعاجل بالعقوبة مستحقها ، والرشيد : المرشد (قالَ) شعيب (يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) مرّ تفسيره (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) معناه : هداني لدينه ، ووسّع عليّ رزقه ، وكان كثير المال ، عن الحسن ، وقيل : كل نعمة من الله فهو رزق ؛ وفي الكلام حذف ، أي فأعدل مع ذلك عما أنا عليه من عبادته (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) أي ست؟؟؟ أنهاكم عن شيء وادخل فيه ، وإنما اختار لكم ما اختاره لنفسي ، ومعنى ما اخالفكم إليه : أي ما أقصده بخلافكم إلى ارتكابه ، عن الزجاج وهذا في معنى قول الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
وقيل معناه : ما أريد اجترار منفعة إلى نفسي بما أنهاكم عنه ، أي لا آمركم بترك التطفيف في الكيل والوزن لتكون منفعة ما يحصل بالتطفيف لي (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ) أي لست اريد بما آمركم به وأنهاكم عنه ألّا اصلاح أموركم في دينكم ودنياكم (مَا اسْتَطَعْتُ) أي ما قدرت عليه وتمكنت منه (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) معناه : وليس توفيقي في امتثال ما آمركم به ، والإنتهاء عما أنهاكم عنه إلّا بالله فلا يوفق غيره ، أي وليس ما أفعله بحولي وقوتي بل بمعونة الله ولطفه وتيسيره (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) والتوكل على الله : الرضا بتدبيره مع تفويض الأمور إليه ، والتمسك بطاعته (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أرجع في المعاد (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) أي يكسبكم خلافي ومعادتي (أَنْ يُصِيبَكُمْ) عذاب العاجلة معناه : لا تحملنكم عداوتي على مخالفة ربكم فيصيبكم من العذاب مثل ما أصاب من قبلكم (مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ) من الهلاك بالغرق (أَوْ قَوْمَ هُودٍ) بالريح العقيم (أَوْ قَوْمَ صالِحٍ) بالرجفة (وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) قيل معناه : ان دارهم قريبة من