سَبِيلاً) أي لا يجدون حيلة ولا طريقا إلى بيان تكذيبك إلّا البهت الصريح.
٤٩ ـ ٥٢ ـ لمّا تقدّم ذكر البعث والنشور حكى سبحانه عن الكفار ما قالوا في إنكاره فقال (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً) أي ترابا (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) والمعنى : قال المنكرون للبعث : انا إذا متنا وانتثرت لحومنا وصرنا عظاما وترابا انبعث بعد ذلك خلقا جديدا؟ أي متجددا ، وهو انكار في صورة الإستفهام (قُلْ) يا محمد لهم (كُونُوا) إن استطعتم (حِجارَةً) في القوة ، (أَوْ حَدِيداً) في الشدة (أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) أي خلقا هو أعظم من ذلك عندكم وأصعب فإنكم لا تفوتون الله تعالى ، وسيحييكم بعد الموت وينشركم (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) قل لهم يا محمد يحييكم من خلقكم أوّل مرّة ، فإن من قدر على ابتداء الشيء كان على إعادته أقدر (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) فسيحرّكون إليك رؤوسهم تحرك المستهزىء المستخف المستبطىء لما تنذرهم به (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ) أي متى يكون البعث (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) لأن ما هو آت قريب (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) يخرجون من قبورهم يقولون : سبحانك وبحمدك ، ولا ينفعهم في ذلك اليوم لأنهم حمدوا حين لا ينفعهم الحمد (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) أي وتظنون أنكم لم تلبثوا في الدنيا إلّا قليلا لسرعة انقلاب الدنيا إلى الآخرة. قال الحسن وقتادة : استقصروا مدة لبثهم في الدنيا لما يعلمون من طول لبثهم في الآخرة ، ومن المفسرين من يذهب إلى ان هذه الآية خطاب للمؤمنين وأنهم الذين يستجيبون لله بحمده ، ويحمدونه على إحسانه إليهم.
٥٣ ـ ٥٧ ـ ثم أمر سبحانه عباده باتباع الأحسن من الأقوال والأفعال فقال (وَقُلْ) يا محمد (لِعِبادِي) وهذا إضافة تخصيص وتشريف أراد به المؤمنين (يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) معناه : مرهم يقولوا الكلمة التي هي أحسن الكلمات هي كلمة الشهادتين ، وكل ما ندب الله إليه من الأقوال (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) أي يفسد بينهم ، ويغري بعضهم ببعض ، ويلقي بينهم العداوة (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ) في جميع الأوقات (لِلْإِنْسانِ) أي لآدم وذريته (عَدُوًّا مُبِيناً) مظهرا للعداوة ، ثم خاطب سبحانه الفريقين فقال (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) معناه : انه أعلم بأحوالكم فيدبر أموركم على ما يعلمه من المصلحة لكم (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) ان يشأ يرحمكم بفضله وان يشأ يعذبكم بعدله ثم عاد إلى خطاب النبي (ص) فقال (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) أي وما أرسلناك موكلا عليهم ، حفيظا لأعمالهم ، تدخل الإيمان في قلوبهم شاؤوا أم أبوا (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي هو أعلم بمن في السماوات من الملائكة ، وبمن في الأرض من الأنبياء بيّن سبحانه بهذا انه لم يختر الملائكة والأنبياء للميل إليهم ، وإنما اختارهم لعلمه بباطنهم (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) والمعنى : ان الأنبياء وان كانوا في أعلى مراتب الفضل فإنهم طبقات في ذلك وبعضهم أعلى من بعض بزيادة الدرجة والثواب ، وبالمعجزات والكتاب ، ولما كان سبحانه عالما ببواطن الأمور اختارك للنبوة وفضّلك على الأنبياء ، وخصّك بخصائص لم يعطها أحدا ، وختم بك النبوة. ثم قال (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) قال الزجاج : معنى ذكر داود هنا انه يقول : لا تنكروا تفضيل محمد (ص) واعطاءه القرآن ، فقد أعطينا داود الزبور ، ثم قال سبحانه لنبيه (ص) (قُلِ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله (ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) انها آلهة عند ضر ينزل بكم ليكشفوا ذلك عنكم ، أو