وأوبارها وشعرها فيدخل فيه الأكسية واللحف والملبوسات. وغيرها (وَمَنافِعُ) معناه : ولكم فيها منافع أخر من الحمل والركوب وإثارة الأرض والزرع والنسل (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) أي ومن لحومها تأكلون (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ) أي حسن منظر وزينة (حِينَ تُرِيحُونَ) أي حين تردونها إلى مراحها وهي حيث تأوي إليه ليلا (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) أي حين ترسلونها بالغداة إلى مراعيها ، وأحسن ما يكون النعم إذا راحت عظاما ضروعها ، ممتلئة بطونها ، منتصبة اسنمتها ، وكذلك إذا سرحت إلى المراعي رافعة رؤوسها فيقول الناس : هذه جمال فلان ومواشيه ، فيكون له فيها جمال (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ) أي أمتعتكم (إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) أي وتحمل الإبل أحمالكم الثقيلة إلى بلد بعيدة لا يمكنكم أن تبلغوه من دون الأحمال إلّا بكلفة ومشقة تلحق أنفسكم ، فكيف تبلغونه مع الأحمال لولا أن الله تعالى سخر هذه الأنعام لكم حتى حملت أثقالكم إلى أين شئتم؟ وقيل إن الشق معناه : الشطر والنصف ، فيكون المراد : إلّا بأن يذهب شطر قوتكم ، أي نصف قوة الأنفس (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ) أي ذو رأفه (رَحِيمٌ) أي ذو رحمة ولذلك أنعم عليكم بخلق هذه الأنعام ابتداء منه بهذه الإنعام.
٨ ـ ١٣ ـ ثم عطف سبحانه على ما عدّده من صنوف انعامه فقال (وَالْخَيْلَ) أي وخلق الخيل (وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) في حوائجكم وتصرفاتكم (وَزِينَةً) أي ولتتزينوا بها. منّ الله تعالى على خلقه بأن خلق لهم من الحيوان ما يركبونه ويتجملون به (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) من أنواع الحيوان والنبات والجماد لمنافعكم (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) ومعناه : واجب على الله في عدله بيان الطريق المستقيم ، وهو بيان الهدى من الضلال ، والحلال من الحرام ، ليتبع الهدى والحلال ، ويجتنب الضلالة (وَمِنْها جائِرٌ) معناه : من السبيل ما هو جائر : أي عادل عن الحق (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) إلى قصد السبيل بالإلجاء والقهر فإنه قادر على ذلك (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) أي مطرا (لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ) أي لكم من ذلك الماء شراب تشربونه (وَمِنْهُ شَجَرٌ) المراد : ومن جهة الماء شجر ، ومن سقيه وانباته شجر والمعنى : ينبت منه شجر ونبات (فِيهِ تُسِيمُونَ) أي ترعون أنعامكم من غير كلفة والتزام مؤنة لعلفها (يُنْبِتُ) (لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) أي ينبت الله لكم بذلك المطر هذه الأشياء التي عددها لتنتفعوا بها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي دلالة وحجة واضحة (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فيه فيعرفون الله تعالى به ، وخصّ المتفكرين فيه لأنهم المنتفعون به (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) قد مضى بيانه ، والتسخير في الحقيقة للشمس والقمر لأن النهار هو حركات الشمس من وقت طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس ، والليل حركات الشمس تحت الأرض من وقت غروب الشمس إلى وقت طلوع الفجر ، إلّا انه سبحانه أجرى التسخير على الليل والنهار على سبيل التجوز والاتساع (وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) مضى بيانه (إِنَّ فِي ذلِكَ) التسخير (لَآياتٍ) أي دلالات (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) عن الله وينبئون أن المسخر والمدبر لذلك قادر عالم حكيم (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي سخّر لكم ما خلقه لكم في الأرض ، أي لقوام أبدانكم من الملابس والمطاعم والمناكح من أنواع الحيوان والنبات والمعادن وسائر النعم (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) لا يشبه بعضها بعضا (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي دلالة (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أي يتفكرون في الأدلة فينظرون فيها ، ويتعظون ويعتبرون بها.