ثمّ فسّر ابن زياد ما هدّده به من القتل المحدث المبتدع في الإسلام فقال لجلاوزته : اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه (وارموا برأسه إلى الأرض) ثمّ أتبعوا جسده رأسه!
فالتفت مسلم إلى ابن الأشعث وقال له : أما والله لو لا أنّك آمنتني ما استسلمت ؛ قم بسيفك دوني فقد أخفرت ذمّتك! فلم يجبه ابن الأشعث. فعاد إلى ابن زياد وقال له : أما والله لو كانت بيني وبينك قرابة ما قتلتني!
ونادى ابن زياد : أين هذا الذي ضرب ابن عقيل بالسيف رأسه وعاتقه؟ يريد بكير الأحمري الشامي فدعي له فقال له : اصعدا (مع مسلم) فكن أنت الذي تضرب عنقه!
فجرّ الحرس مسلما ليصعدوا به وقال : اللهم احكم بيننا وبين قوم غرّونا وكذبونا وأذلّونا! وصعدوا به وهو يكبّر ويستغفر ويصلّي على ملائكة الله ورسله. وأشرفوا به من فوق القصر على موضع الجزّارين فضرب بكير الأحمري عنقه ورموا برأسه إلى الأرض ثمّ أتبعوا جسده رأسه.
ونزل بكير الأحمري ورآه ابن زياد فسأله : قتلته؟ قال : نعم! قال : فما كان يقول وأنتم تصعدون به؟ قال : كان يكبّر ويسبّح ويستغفر ، فلما أدنيته لأقتله قال : اللهم احكم بيننا وبين قوم كذبونا وغرّونا وخذلونا وقتلونا! فقلت له : الحمد لله الذي أقادني منك! ثمّ ضربته ضربة لم تغن شيئا ثم ضربته الثانية فقتلته (١)!
ومصير هانئ ورجال آخرين :
مرّ الخبر : أنّ ابن الأشعث وابن خارجة الفزاري حملا هانئا إلى ابن زياد ، فلمّا ضربه ابن زياد حتى أدماه وحبسه خاف ابن الأشعث من عداوة مراد
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٦٢ ـ ٦٣.