وكأنّ مصعبا خرج من الكوفة إلى البصرة واستخلف عليها الحارث بن أبي ربيعة ، فتوجّه ابن الحرّ إليه وبلغ ذلك بني قيس عيلان وكان ابن الحرّ قد هجاهم بشعره ، فسألوا الحارث أن يبعث معهم جيشا لحرب ابن الحر فوجّه معهم ، فلقوه وقاتلوه ساعة ثمّ غرق فرسه فركب بلما ليعبر فتصايح الأنباط : هذا طلبة أمير المؤمنين فضربوه بالمرادي فغرق واستخرجوه وحزّوا رأسه فبعثوا به إلى الكوفة ثمّ البصرة (١).
الأزارقة بعد ابن الحرّ :
أوقع المهلّب الأزدي بالأزارقة الخوارج أتباع نافع بن الأزرق بالأهواز فلحقوا بفارس ونواحي إصفهان وكرمان ، وقتل الأزرق فبايعوا الزبير بن ماحوز. فلمّا شخص المهلّب عن ذلك الوجه ووجّه عاملا على الموصل وضواحيها ، وجعل على فارس عمر بن معمر ، اذ حطّت الأزارقة عليه مع ابن ماحوز إلى فارس فلقيهم في شاپور فقاتلهم قتالا شديدا حتّى غلبهم فتركوا المعركة وذهبوا حتّى نزلوا بإصطخر فارس ، فسار إليهم حتّى لقيهم على قنطرة طبستان ، فقاتلهم قتالا شديدا حتّى غلبهم فقطعوا القنطرة وارتفعوا إلى إصفهان ثمّ كرمان فأقاموا بها. حتّى قووا وكثروا واستعدّوا وأقبلوا حتّى مرّوا بفارس فأخذوا على شاپور ثمّ خرجوا على أرجان ثمّ توجّهوا قبل الأهواز ، وتبعهم عمر بن معمر فالتقى بهم هناك ، وبلغ إقبالهم إلى مصعب بالبصرة في ولايته الثانية فخرج بالناس فعسكر بهم عند الجسر الأكبر.
وأقبل هؤلاء الخوارج الأزارقة حتّى نزلوا الأهواز ، فأخبرتهم عيونهم بأنّهم بين مصعب وعمر بن معمر ، فسار بهم ابن ماحوز حتّى قطع بهم أرض جوخى
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ١٢٨ ـ ١٣٤ عن المدائني.