وفي بطن العقبة :
واجهه رجل من بني عكرمة فقال له : إنّ هؤلاء الذين بعثوا إليك (لتأتيهم) لو كانوا وطّؤوا لك الأشياء وكفوك مؤونة القتال فقدمت عليهم كان ذلك رأيا ، فأمّا على هذه الحال التي تذكرها فإنّي لا أرى لك أن تفعل ، فأنشدك الله لمّا انصرفت!
فقال له : يا عبد الله ؛ إنّه ليس يخفى عليّ ، الرأي ما رأيت! ولكنّ الله لا يغلب على أمره (١)!
وأقبل الإمام عليهالسلام حتى بلغ منزل شراف وفيها آبار كبار كثيرة عذبة ، فنزل ، فلمّا كان السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء وأكثروا ، ثمّ ساروا (٢).
لقاء الحرّ ، وخطب الإمام عليهالسلام :
وقبيل الزوال قبيل جبل ذي حسم لبني طيّئ كبّر رجل ممّن مع الإمام عليهالسلام ، وسمعه الإمام فكبّر ثمّ قال له : ممّ كبّرت؟ قال : رأيت النخل! وكان معه الأسديّان الكوفيّان فقالا : ما رأينا في هذا المكان نخلة قط! فسألهما الإمام : فما تريانه رأى؟ قالا : نرى رأى رؤوس الخيل! فصدّقهما الرجل. فقال الإمام عليهالسلام : أما لنا (هنا) ملجأ نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد؟ قال الأسديّان : بلى هذا جبل ذي حسم عن يسارك فهو كما تريد. فأخذ الإمام إليه ذات يساره ومالوا معه فاستبقوا إليه قبل القوم ، وهم لما رأوا أنّ هؤلاء عدلوا عن الطريق عدلوا إليهم ، فنزل الإمام عليهالسلام وأمر فضربوا الخيم.
فما كان بأسرع من أن طلع القوم عليهم وهم ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي ، حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسين عليهالسلام في حرّ الظهر ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٩٩ عن أبي مخنف ، وفي الإرشاد ٢ : ٧٦.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٠٠ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٧٦.