وكان ملك الروم قد كتب إلى ابن مروان يتوعّده ، فكتب الحجّاج بجواب ابن الحنفية إلى ابن مروان فكتب به إلى ملك الروم ، فكتب إليه ملك الروم : هذه ليست من سجيّتك ولا من سجيّة آبائك! ما قالها إلّا نبيّ أو رجل من «أهل بيت» النبيّ (١)!
ثمّ أعاد الحجّاج بنيان الكعبة على ما كانت عليه قبل بناء ابن الزبير ، فنقص منها ما كان زاده طولا وعرضا في جانب حجر إسماعيل ستّة أذرع ، وأغلق الباب الثاني ورفع الباب الأوّل (٢).
الحجّاج في المدينة :
وفي سنة (٧٤ ه) سار الحجّاج إلى المدينة فأخذ يتعنّت على أهلها ويستخفّ ببقايا من فيها من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله : ختم في أيديهم وأعناقهم (بالرصاص) يذلّهم بذلك : أنس بن مالك ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وسهل بن سعد الساعدي ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون (٣).
ولكنّه لم يعرض لآل أبي طالب ، ذلك أنّ عبد الملك كان قد كتب إليه : جنّبني دماء آل أبي طالب ؛ فإنّي قد رأيت الملك استوحش من آل حرب حين سفكوا دماءهم. نقل ذلك المسعودي وقال : فكان الحجّاج يتجنّب آل أبي طالب خوفا من زوال ملك آل مروان لا خوفا من الله عزوجل (٤).
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١١٦ ـ ١١٧ ونسب أحيانا إلى الإمام الباقر عليهالسلام.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٧٢.
(٣) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٥٦ ، وبخصوص جابر في الطبري ٦ : ١٩٥ ، وعليه فلا يصحّ ما جاء في الكشي : ١٢٤ ، الحديث ١٩٥ : أنّ جابرا كان رجلا من أصحاب رسول الله وكان شيخا قد أسنّ فلم يتعرض له! اللهم إلّا القتل.
(٤) مروج الذهب ٣ : ١٧٠.