ثمّ لما تبنّى يزيد على التظاهر بعدم التبنّي والالتزام بإجرام ابن زياد بقتل الحسين عليهالسلام ، تمايل إلى جانب النعمان يشاوره فيمن حضره من أهل الشام قال لهم : يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟
فقال النعمان : انظر ما كان يصنعه بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله لو رآهم في هذه الحالة ، فاصنعه بهم! فقال : صدقت ، خلّوا عنهم ، وكساهم (١) وأمر بردّهم إلى المدينة (٢) وقال له : يا نعمان بن بشير! جهّزهم بما يصلحهم ، وابعث معهم من أهل الشام رجلا صالحا أمينا! وابعث معه أعوانا وخيلا ، فيسير بهم إلى المدينة (٣) وسمح لهم أن يحملوا معهم الرؤوس ولا سيما رأس الإمام عليهالسلام (٤) فكان عليهم أن يمرّوا بكربلاء في الراجح.
فخرج بهم ، وكان يسايرهم من خلفهم وهم أمامه بحيث لا يفوتون طرفه ، فإذا نزلوا تنحّى عنهم ، وتفرّق هو وأصحابه حولهم يحرسونهم ، بحيث إذا أراد أحدهم قضاء حاجة لم يحتشم ، فلم يزل هكذا ينازلهم في الطريق ويسألهم عن حوائجهم (٥).
فزاروا الحسين عليهالسلام في أربعينه :
على ما مرّ من موافقة يزيد على حملهم معهم الرؤوس ولا سيّما رأس الحسين عليهالسلام ، كان من الراجح في غالب الظن أن يحملوها إلى مدفنهم بكربلاء ،
__________________
(١) العقد الفريد ٤ : ٣٨٢.
(٢) مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي ٢ : ٦٦ مع ما قبله.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٤٦١ ـ ٤٦٢ عن أبي مخنف عن فاطمة ابنة الحسين عليهالسلام ، وانظر الإرشاد ٢ : ١٢٢.
(٤) انظر : مقتل الحسين عليهالسلام للمقرّم : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ ، ونفس المهموم : ٤٦٦ ـ ٤٦٧ ، وتذكرة الخواص ٢ : ٢٠٦ ـ ٢٠٩.
(٥) المصدران الأسبقان.