على أن نمنعهم عنك! فقال عليهالسلام : فجزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين. فقالا له : السلام عليك يابن رسول الله. فقال لهما : وعليكما السلام ورحمة الله. فقاتلا حتّى قتلا رحمة الله عليهما (١).
مقتل حنظلة الشبامي :
ثمّ تقدّم حنظلة بن أسعد الشبامي بين يدي الإمام عليهالسلام ورفع صوته بتلاوة الآيات التالية على عسكر ابن سعد :
(يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ* مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ* وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ* يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ)(٢) ثمّ نادى : يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب!
فناداه حسين عليهالسلام : يابن أسعد! رحمك الله! إنّهم قد استوجبوا العذاب حيث ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين! فقال حنظلة : صدقت جعلت فداك! أنت أفقه منّي وأحقّ بذلك ، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟ فقال : رح إلى خير من الدنيا وما فيها وإلى ملك لا يبلى.
فقال : السلام عليك أبا عبد الله ، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك ، وعرّف بيننا وبينك في جنّته. فقال عليهالسلام : آمين آمين. فاستقدم حنظلة وقاتل حتّى قتل رحمة الله عليه (٣).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٤٢ ـ ٤٤٣ عن أبي مخنف ، وخلا منه الإرشاد.
(٢) غافر : ٣٠ ـ ٣٣.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٤٤٣ عن أبي مخنف ، وخلا منه الإرشاد.