فاستغووهم عليكم ، ليذهب الحّق وينتعش الباطل ويقتل أولياء الله ، والله لو تهلكون ما يعبد الله في الأرض إلّا بالافتراء على الله و «اللعن لأهل بيت نبيّه» انتدبوا مع أحمر بن شميط ، وإنّكم لو تلقوهم تقتلوهم إن شاء الله.
وكان بعض رؤساء الأرباع بالكوفة ممن كان مع ابن الأشتر رأوه كأنّه متهاون بأمر المختار ففارقوه وانصرفوا عنه إلى الكوفة ، فاليوم دعاهم المختار وبعثهم مع أحمر بن شميط ، وخرج الأحمر فعسكر في حمّام أعين ، وبعث المختار معه جيشا كثيفا. وبعث الأحمر على مقدّمته عبد الله بن كامل الشاكري الهمداني إلى المذار بأرض البصرة ، وخرج هو خلفه (١).
أنصار المختار بالمذار :
بلغ ابن كامل الشاكري الهمداني المذار ، وورد خلفه ابن شميط ، وجاء عسكر مصعب حتّى عسكروا قريبا منهم. فجعل الأحمر الشاكري على ميمنته ، وعلى الرجّالة كثير بن إسماعيل الكندي ، وعلى الخيل رزين عبد بني سلول ، وكيسان مولى عرينة على الموالي وكان كثير منهم على الخيول ، وجعل على ميسرته عبد الله بن وهب الجشمي. وكان قد لقي بعض أهل الكوفة من الموالي ما يكرهون ، ومنهم هذا الجشمي فأحبّ اليوم إن كانت الدّبرة عليهم أن يكون الموالي رجالا لئلّا ينجو أحد منهم! فجاء إلى الأحمر وقال له : إنّي أخاف إن طورد الموالي ساعة وضوربوا وطوعنوا أن يطيروا على متون خيولهم ويسلموك! فإنّهم أهل خور! وأنت تمشي فمرهم أن ينزلوا معك ، فإنّك إن أرجلتهم لم يجدوا بدّا من الصبر معك! وظن ابن شميط أنّ الجشمي إنّما أراد بذلك نصحه ليصبروا ويقاتلوا. فقال لهم : يا معشر الموالي! انزلوا معي فقاتلوا. فنزلوا يمشون مع رايته.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٩٥ ـ ٩٦ عن أبي مخنف.