وجاء مصعب وقد جعل على خيله عبّاد بن الحصين ، فجاء عبّاد حتّى دنا من ابن شميط وأصحابه فناداهم : إنّا ندعوكم إلى كتاب الله وسنّة رسوله وبيعة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير. فأجابوه : ونحن ندعوكم إلى كتاب الله وسنّة رسوله وبيعة الأمير المختار وإلى أن نجعل هذا الأمر شورى في «آل رسول الله» فمن زعم أنّه ينبغي له أن يتولّى عليهم جاهدناه! وأمره مصعب أن يحمل عليهم. فحمل عليهم فما زالوا حتّى رجع إلى موضعه. فحمل المهلّب الأزدي في ميسرته على الشاكري في ميمنة المختار فجال أصحاب الشاكري وثبت هو ومن معه حتّى انصرف المهلّب إلى مكانه وتوقّفوا ساعة.
ثمّ قال المهلّب لأصحابه : إنّ القوم بجولتهم قد أطمعوكم فيهم فكرّوا عليهم كرّة صادقة! ثمّ حمل عليهم حملة منكرة صبروا لها ثمّ هزموا.
ثمّ حمل الناس جميعا على ابن شميط البجلي ومعه بجلة وخثعم فتنادوا معه الصبر الصبر! فناداهم المهلّب : بل الفرار الفرار علام تقتلون أنفسكم مع هؤلاء العبيد؟! ومال بخيله على الرجّالة مع ابن شميط فقاتل حتّى قتل ، وافترقت الرجّالة حوله ثمّ انهزمت في الصحراء.
فدعا المصعب بعبّاد بن الحصين على الخيل وقال له : خذهم اسراء فاضرب أعناقهم!
وكان محمّد بن الأشعث على خيل أهل الكوفة ممّن فرّوا من المختار ، فسرّحهم مصعب وقال لهم : دونكم ثأركم! فكانوا أشدّ عليهم من أهل البصرة! لا يدركون منهزما ولا يأخذون أسيرا إلّا قتلوه! فأبيدت تلك الرجّالة ولم ينج منهم إلّا طائفة من أهل الخيل.
وكان معاوية بن قرة قاضي البصرة يقول : إنّ دماءهم كانت أحلّ عندنا من الترك والديلم!