خطبة الحجّاج لقتل ابن الأشعث :
قال المسعودي : لما قتل ابن الأشعث واتي برأسه إلى الحجّاج ، رقى منبر الكوفة (أو الواسط) فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله ثمّ قال : يا أهل العراق ، إن الشيطان استبطنكم فخالط منكم اللحم والعظم ، والأعضاء والأطراف ، وجرى منكم مجرى الدم ، وأفضى إلى الأضلاع والأمخاخ ، فحشا ما هناك شقاقا واختلافا ونفاقا ، ثمّ أربع فيه فعشش ، وباض فيه وفرّخ ، فاتّخذتموه دليلا تتابعونه ، وقائدا تطاوعونه ، ومؤامرا تؤامرونه!
ألستم أصحابي «بالأهواز» حين سعيتم بالغدر بي فاستجمعتم عليّ حيث ظننتم أن الله سيخذل دينه وخلافته؟! واقسم بالله أني (كنت) لأراكم بطرفي وأنتم تتسلّلون لواذا منهزمين وسراعا متفرقين ، فكل امرئ منكم سيفه على عنقه رعبا وجبنا!
ثمّ يوم «الزاوية» وما يوم الزاوية (بالبصرة) كان بها فشلكم وتخاذلكم ، وبراءة الله منكم ، وتولّيكم على أكتافكم السيوف هاربين ، ونكوص وليكم عنكم ، إذ ولّيتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها. لا يسأل الرجل عن بنيه ، ولا يلوي امرؤ على أخيه ، حتّى عضّتكم السلاح وقصفتكم الرماح!
ويوم «دير الجماجم» كانت بها الملاحم والمعارك العظائم!
فما الذي أرجوه منكم يا أهل العراق! أم ما الذي أتوقّعه! ولماذا استبقيكم! ولأي شيء أدّخركم؟ أللفجرات بعد الغدرات؟ أم للنزوة بعد النزوات؟ وما الذي اراقب بكم؟ وما الذي انتظر فيكم! إن بعثتم إلى ثغوركم جبنتم! وإن أمنتم أو خفتم نافقتم! لا تجزون بحسنة ولا تشكرون نعمة!
يا أهل العراق! هل استنبحكم نابح أو استشلاكم غاو أو استخفّكم ناكث أو استنفركم عاص إلّا تابعتموه وبايعتموه ، وآويتموه وكفيتموه؟!