وسيوفهم ، فتنفر خيولهم وتحجم. فأمر ابن عقبة الحصين بن نمير السكوني أن ينزل بجنده من أهل حمص ، فمشى براياتهم إليهم ، ثمّ أمر مسلم المرّي عبد الله الأشعري أن يدنو برماته الخمسمئة نحو ابن حنظلة الغسيل وأصحابه فأخذوا ينضحونهم بنبالهم.
فنادى ابن الغسيل : من أراد التعجّل إلى الجنة فليلزم هذه الراية ، فقام إليه المستميتون منهم ، فاقتتلوا أشدّ قتال ساعة ، وأخذ يقدّم بنيه أمامه واحدا فواحدا حتّى قتل ثمانيتهم بين يديه ، وهو يقاتلهم بسيفه حتّى قتل هو وأخوه لأمّه محمّد بن ثابت بن قيس بن شماس خطيب الأنصار ، ومعهما محمّد بن عمرو بن حزم الأنصاري.
وانهزم الناس ، وأخذ محمّد بن سعد بن أبي وقاص يقاتلهم حتّى غلبت الهزيمة فذهب مع الناس (١).
ولمّا دارت رحا الموت بين الفريقين توارى عبد الله بن المطيع العدوي وسئل عن ذلك فقال : رأيت ما رأيت من غلبة أهل الشام ، وصنع بني حارثة الذي صنعوا من إدخالهم علينا (كما يلي) وولي الناس ... وعلمت أنّه لا يضرّ عدوي مشهدي (حضوري) ولا ينفعهم ولّتي (فراري) فتواريت ، ثمّ لحقت بابن الزبير (٢).
اقتحام خندق المدينة :
وهكذا ذكر الطبري خبر الحرّة بلا اختراق للخندق ، بينما اختزل الدينوري خبر القتال في الحرّة إلى خبر اختراق الخندق عليهم فقال : لمّا انتهوا إلى المدينة عسكروا بالحرّة ، ثمّ مشى رجال منهم فأطافوا بالمدينة من كلّ ناحية فلا يجدون
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٨٧ ـ ٤٩١ عن الكلبي ، عن أبي مخنف وغيره.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ٢٢٠ وقال : وكان معنا يوم الحرّة ألفا رجل ذو حفاظ.