وأبقى مصعب على خيله عبّاد بن الحصين الحبطي ، وجعل على الرجالة مقاتل بن مسمع البكري ، وعكس أمر الميمنة والميسرة فجعل عليها عمر بن عبيد الله التيمي وجعل المهلّب الأزدي على ميمنته ، وأبقى محمّد بن الأشعث على أهل الكوفة وبعثه حتى نزل بينه وبين المختار ميامنا مغرّبا ، فأرسل المختار إليه السائب بن مالك الأشعري ، ووقف هو في بقيّة أصحابه (١).
حرب مصعب والمختار :
وتزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض ، وبدأ الثوري في ميسرة المختار على بكر بن وائل البصرة في ميسرتهم ، ومعه الشبامي على عبد قيس البصرة ، فقاتلوهم قتالا شديدا وصبروا لهم ، فإذا تراجع الثوري بجمعه حمل الشبامي وبالعكس وربّما حملا معا. وبعث المختار إلى ابن جعدة المخزومي أن احمل على من بإزائك وهم أهل عالية البصرة ، فحمل عليهم فكشفهم حتّى انتهوا إلى المصعب! وأخذ المصعب يرمي بسهامه ، ثمّ تحاجزوا. وبعث المصعب على المهلّب وهو في خمسين من أخماس البصرة كثيري الفرسان والعدد وهم جامّون لم يحملوا ، فأمرهم المهلّب بالحملة على من يليهم ، فحملوا حملة منكرة حتّى حطّموا أنصار المختار وكشفوهم ، وانقصفوا انقصافة شديدة كأنّهم أجمة شبّ فيها حريق!
وكان مالك بن عمرو النهدي على رجّالة المختار فأخذ ينادي : أين أهل البصائر والصبر! فثاب إليه خمسون منهم عند المساء فكرّبهم على محمّد بن الأشعث وأصحابه فقتلوه وعامّة أصحابه وقتل مالك.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٩٩ ـ ١٠٠ عن أبي مخنف.