وحجّ مصعب فلقي عبد الله بن عمر زوج صفية اخت المختار ، فسلّم عليه وكأنّه كان لا يعرفه فعرّفه بنفسه أنّه مصعب فقال له ابن عمر : أنت القاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة واحدة! قال مصعب : إنّهم كانوا كفرة سحرة! (فهو منبع هذا التشنيع) فقال ابن عمر : والله لو قتلت عدّتهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا (١)!
مصير إبراهيم بن الأشتر :
كان سواد العراق وجبال شماله وشطر من إيران تابعا لحكومة الكوفة ، فلمّا قتل المختار طمع عبد الملك بن مروان في تطميع النخعيّ في الموصل في حكم العراق فكتب إليه : أمّا بعد ، فإنّ آل الزبير انتزوا على أئمة الهدى! ونازعوا الأمر أهله! وألحدوا في بيت الله الحرام! واتّخذوا الحرام حلّا! والله ممكّن منهم وجاعل دائرة السوء عليهم. وإنّي أدعوك إلى الله وإلى سنّة نبيّه ، فإن قبلت وأجبت فلك سلطان العراق ما بقيت وبقيت ، عليّ عهد الله وميثاقه بالوفاء بذلك.
__________________
فكتب مصعب إلى أخيه عبد الله يخبره بخبرهما وما قالتاه ، فكتب إليه : إن هما رجعتا عما هما عليه وتبرّأتا منه ، وإلّا فاقتلهما! فعرضهما مصعب على السيف فقالت ابنة سمرة : فمع السيف لو دعوتني إلى الكفر لكفرت ، فأشهد أنّ المختار كافر! ولعنته وتبرّأت منه! ولكن ابنة النعمان قالت : كلّا! إنها موتة ثمّ الجنة والقدوم على الرسول وأهل بيته! والله لا يكون ذلك! آتي ابن هند فأتّبعه! وأترك ابن أبي طالب! اللهم اشهد أني متّبعة لنبيّك وابن بنته و «أهل بيته وشيعته»! فقتلها صبرا ، وهذا لا يتنافى مع خبر أبي مخنف إلّا في الإجمال والإكمال.
(١) تاريخ الطبري ٦ : ١١٣ عن أبي مخنف.