وبعث مصعب عمّاله على السواد والجبال ، وخاف التحاق النخعيّ بالأموي فقدم رسوله بكتاب مصعب إلى ابن الأشتر وفيه : أمّا بعد ، فإنّ الله قد قتل المختار «الكذّاب» و «شيعته الذين دانوا بالكفر وكادوا بالسحر!» وإنّا ندعوك إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإلى بيعة أمير المؤمنين! فإن أجبت إلى ذلك فأقبل إليّ ، فإنّ لك أرض الجزيرة وأرض المغرب (مغرب العراق ـ الشام) كلّها! ما بقيت وبقي سلطان آل الزبير ، لك بذلك عهد الله وميثاقه وأشدّ ما أخذ الله على النبيّين من عهد أو عقد ، والسلام.
فدعا إبراهيم أصحابه فأقرأهم الكتابين واستشارهم الرأي ، فقائل يقول : عبد الملك ، وقائل يقول : ابن الزبير. فقال لهم : ورأيي اتّباع أهل الشام ، ولكن كيف لي بذلك وليست قبيلة بالشام إلّا وقد وترتها! ولست بتارك عشيرتي وأهل مصري (١)! فكتب إلى مصعب ، فكتب إليه مصعب أن أقبل فأقبل إليه (٢) فلمّا بلغ ذلك إلى مصعب بعث المهلّب الأزدي البصري إلى عمل (٣) إبراهيم على الموصل والجزيرة وأذربيجان وأرمينية ، وأقام مصعب بالكوفة (٤) أميرا على العراقين وتوابعهما من إيران.
وبذلك تعاظم أمره ، ورأى أخوه عبد الله أنّ مروان بن الحكم إن حكم تصبح حكومته ملوكيّة وراثيّة كما فعل معاوية قبله ، فتوارثها ابنه عبد الملك ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ١١٠ ـ ١١٢ عن أبي مخنف.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ١١١ عن أبي مخنف.
(٣) تاريخ الطبري ٦ : ١١٢ عن أبي مخنف.
(٤) تاريخ الطبري ٦ : ١١٦ عن المدائني البصري. وهكذا غدر بابن الأشتر فلم يف له بما وعده إيّاه عاجلا.