عمر بن سعد الزهري والأمان! :
حدث أبو مخنف عن أبي الأشعر موسى بن عامر قال : كان المختار أوّل ما ظهر أحسن شيء سيرة وتألّفا للناس ، وكان من أكرم خلق الله على المختار عبد الله بن جعدة بن هبيرة المخزومي لقرابته من عليّ عليهالسلام (كان حفيد امّ هاني) فلجأ إليه عمر بن سعد الزهري وقال له : إنّي لا آمن هذا الرجل على نفسي ، فخذ لي أمانا منه. فأخذ له ذلك وفيه : بسم الله الرحمنِ الرحيم ، هذا أمان من المختار بن أبي عبيد لعمر بن سعد بن أبي وقّاص ، إنّك آمن بأمان الله على نفسك ومالك وأهلك وأهل بيتك وولدك ، لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ، ما سمعت وأطعت ولزمت رحلك وأهلك ومصرك.
فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله و «شيعة آل محمد» ومن غيرهم من الناس فلا يعرض له إلّا بخير. وجعل المختار على نفسه عهد الله وميثاقه ليفينّ لعمر بن سعد بما أعطاه من الأمان ، إلّا أن يحدث حدثا! وأشهد الله على نفسه وكفى بالله شهيدا ، وشهد أحمر بن شميط الهمداني ، والسائب بن مالك الأشعري ، وعبد الله بن شداد الجشمي وعبد الله بن كامل الشاكري الهمداني.
ثمّ روى أبو الأشعر موسى بن عامر عن الإمام الباقر عليهالسلام : أنّ المختار في أمانه لعمر بن سعد لمّا قال : إلّا أن يحدث حدثا ، فإنّه كان يريد به : إذا دخل الخلاء فأحدث حدثا (١).
والموسم الحجّ في سنة ستّة وستّين حيث حجّ جمع من أهل الكوفة إلى مكّة والمدينة وعادوا ، وكان منهم يزيد بن شراحيل الأنصاري الكوفي وقد زار ابن الحنفية بمكّة وتذاكروا المختار وخروجه وما يدعو إليه من الطلب بدماء
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٦٠ ـ ٦١ عن أبي مخنف.