فقال سليمان مودّعا : الحمد لله الذي لو شاء لأكرمنا بالشهادة مع الحسين! اللهمّ إذ حرمتناها معه فلا تحرمناها فيه بعده!
وقال المسيّب : وأنا بريء من قتلهم ومن كان على رأيهم ، وإياهم أعادي واقاتل.
وقال عبد الله بن وال التيمي : أما والله إنّي لأظنّ حسينا وأباه وأخاه أفضل امّة محمّد صلىاللهعليهوآله وسيلة عند الله يوم القيامة ، أفما عجبتم لما ابتليت به هذه الأمة منهم! إنّهم قتلوا اثنين وأشفوا بالثالث على القتل (١).
وقال المثنّى بن مخرّبة العبدي وهو من الرؤساء الأشراف : إنّ الله جعل هؤلاء الذين ذكرتم بمكانهم من نبيّهم أفضل ممّن هو دون نبيّهم ، وقد قتلهم قوم نحن منهم براء ولهم أعداء! وقد خرجنا من الديار والأهلين والأموال لاستئصال من قتلهم! فو الله لو أنّ القتال فيهم بمغرب الشمس أو منقطع التراب فإنّه يحقّ علينا طلبه حتّى نناله ؛ فإنّ ذلك هو الغنم وهي الشهادة التي ثوابها الجنة!
فقالوا له : صدقت وأصبت ووفّقت. ثمّ سار سليمان من موضع قبر الحسين وساروا معه. وكان رجال من أحيائهم خرجوا معهم يشايعونهم حتّى انتهوا إلى قبر الحسين ، ثمّ انصرفوا عنه ولزموا الطريق ، فعاد هؤلاء المشايعون إلى أحيائهم بالكوفة (٢) وكأنّهم عنوا زيارة قبر الحسين عليهالسلام ثمّ عادوا.
كتاب الأمير الخطمي وجواب الخزاعي :
وسار سليمان الخزاعي من كربلاء فأخذ على الحصّاصة إلى الأنبار ، ثمّ الصّدود ، ثمّ القيّارة. وبدا للأمير الزبيري على الكوفة عبد الله بن يزيد الأنصاري
__________________
(١) يلوّح بجرح الحسن عليهالسلام في ساباط المدائن ، وأشفوا أي قربوا من قتله ، فخبر قتله مسموما لم يكن معروفا معلوما ، وإلّا فهو مقتول كأبيه وأخيه ، وإنّما الفرق في الآلة القتّالة.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٥٨٩ ـ ٥٩١ عن أبي مخنف.