أؤمّل من الله الذي ألهمني ذلك أن يصيّرك في حبالك ويسحبك للذقن ، وينصف منك من لم تنصفه من نفسك ، ويكون هلاكك بيدي من اتّهمته وعاديته. فلعمري لقد طالما تطاولت وتمكّنت وأخطيت وخلت أن لن تبور وأنّك في فلك الملك تدور! وستخبر مصداق ما أقول عن قريب!
فسر لأمرك ولاق عصابة خلعتك من حبالها خلعها نعالها! لا يحذرون منك جهدا ولا يرهبون منك وعيدا! يتأمّلون خزايتك وهم عطاشى إلى دمك ويستطعمون الله لحمك ، يحاولونك به على طاعة الله وقد شروا أنفسهم تقرّبا إلى الله! فأغض عن ذلك يابن امّ الحجّاج ، فسنحمل عليك إن شاء الله ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، والسلام على أهل طاعة الله (١).
خطبة الحجّاج على ابن الأشعث :
قال ابن قتيبة : فلمّا ورد الكتاب على الحجّاج أمر فنودي : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، فخرج إليهم قد أخذ بطرف ردائه ويجرّ ذيله من خلفه حتّى صعد المنبر وقال فيما قال :
العجب العجب ، وما هو أعجب! من العير الأبتر! أني وجّهته ومن معه من المنافقين ، فانطلقوا في نحور العدو ، ثمّ أقبلوا على راياتهم لقتال أهل الإسلام ؛ من أجل عير أبتر! على حين أننا قد أمّنا الخوارج وأطفأنا الفتن ، فتتابعت الفتن إليهم! فكان من شكركم ـ يا أهل العراق ـ ليد الله فيكم ونعمته عليكم وإحسانه إليكم! جرأتكم على الله وانتهاككم حرمته واغتراركم بنعمته! ألم يأتكم شبيب مهزوما ذليلا؟! فقبحت تلك الوجوه! فما هذا الذي يتخوّف منكم يا أهل العراق؟! والله لقد أكرمنا الله بهوانكم! وأهانكم بكرامتنا في مواطن شتّى تعرفونها وتعرفون أشياء
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ٣٧ ـ ٣٨.