فلمّا رأى ذلك عمرو بن الحجّاج الزبيدي ناداهم : يا حمقى! أتدرون من تقاتلون؟! تقاتلون فرسان المصر وقوما مستميتين ، فلا يبرزنّ إليهم أحد منكم ، فإنّهم قليل ، وقلّما يبقون ، والله لو لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم! وسمعه ابن سعد فصدّقه وقال : صدقت ، الرأي ما رأيت ، ثمّ عزم على الناس أن : لا يبارز رجل منكم رجلا منهم (١).
الحملة الثانية :
ونادى عمرو بن الحجّاج بأصحابه يقول لهم : يا أهل الكوفة! الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا في قتل من خالف الإمام! ومرق من الدين!
وسمعه الحسين عليهالسلام وعرفه فناداه : يا عمرو بن الحجّاج! أعليّ تحرّض الناس! أنحن مرقنا (من الدين) وأنتم ثبتّم عليه! أما والله لو قد قبضت أرواحكم ومتّم على أعمالكم ، لتعلمنّ أيّنا مرق من الدين ومن هو أولى بصلي النار!
ثمّ حمل عمرو بن الحجّاج في ميمنة ابن سعد من نحو الفرات على ميسرة الحسين عليهالسلام فاضطربوا ساعة ، فصرع جمع من أصحاب الحسين عليهالسلام منهم :
مسلم بن عوسجة الأسدي :
وتنادى أصحاب الحجّاج : قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي! فلمّا سمعهم شبث بن ربعي التميمي قال لمن حوله : ثكلتكم أمهاتكم! إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم! وتذلّلون أنفسكم لغيركم! أتفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والذي أسلمت له لربّ موقف له في المسلمين كريم.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٣٥ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ١٠٣.