ثمّ وفد ابن زياد بأشراف أهل البصرة ومعهم الأحنف بن قيس التميمي على معاوية ، فأخذ معاوية عليهم البيعة لابنه يزيد سنة تسع وخمسين أو ستّين (١).
معاوية يعهد إلى يزيد :
وفي سنة ستين مرض معاوية. فدعا ابنه يزيد.
فأجلسه بين يديه وقال له : يا بنيّ ، إنّي قد ذلّلت لك الرّقاب الصّعاب ، ووطّدت لك البلاد وجعلت الملك وما فيه لك طعمة! وإنّي أخشى عليك من ثلاثة نفر يخالفون عليك بجهدهم ، وهم : عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، والحسين بن علي عليهالسلام.
فأمّا عبد الله بن عمر ؛ فهو معك ، فالزمه ولا تدعه (أي راقبه ملازما)!
وأما عبد الله بن الزبير ، فإنّه يجثو لك كما يجثو الأسد لفريسته ، ويواربك مواربة الثعلب للكلب! فإن ظفرت به فقطّعه إربا إربا (أي اظفر به واقتله)!
وأما الحسين عليهالسلام فقد عرفت حظّه من رسول الله (بل) هو من لحم رسول الله ودمه! وقد علمت ـ لا محالة ـ أنّ أهل العراق سيخرجونه إليهم (لكن) ثمّ يخذلونه ويضيّعونه ، فإن ظفرت به فاعرف حقّه ومنزلته من رسول الله ولا تؤاخذه بفعله ... وإياك أن تناله بسوء ويرى منك مكروها (٢). (أي اظفر به ولكن لا تقتله).
وروى الطبري ، عن الكلبي عن عوانة بن الحكم : أنّ يزيد كان غائبا عن أبيه عند موته في سنة ستّين ، فدعا بصاحب شرطته الضحاك بن قيس الفهري ومعه مسلم بن عقبة المرّي فقال لهما : أبلغا وصيّتي يزيد : أن انظر أهل الحجاز
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣١٦ و ٣٢٢.
(٢) أمالي الصدوق : ١٢٩ المجلس ٣٠ ، الحديث الأوّل بسنده عن الصادق عليهالسلام. وروى الطبري عن الكلبي عن أبي مخنف ٥ : ٣٢٢ نحوه أو مثله.