وكأن يزيد أراد استعادة هيبة حكمه فأمر بحمل رأس الحسين عليهالسلام والتطواف به في دمشق ، وأمامه قارئ يقرأ من القرآن سورة الكهف حتّى بلغ قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)(١) وكان المنهال الطائي الكوفي حاضرا قال : فأنطق الله الرأس فقال بلسان ذلق ذرب : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي (٢).
ردّهم إلى أوطانهم :
مرّ الخبر عن تساهل النعمان بن بشير الأنصاري في التشديد على «شيعة» الحسين عليهالسلام في الكوفة ، فعزله يزيد بابن زياد ، فعاد النعمان إلى أحضان حفيد أبي سفيان يزيد ، فكأنّما اليوم أراد تأنيبه على ذلك فدعاه ، فلمّا جاء قال له : كيف رأيت ما فعل عبيد الله بن زياد؟ فقال : الحرب دول! وكأنّه يريد أن الأمر لم يكن مضمونا لهم. فقال يزيد : الحمد لله الذي قتله! فأراد النعمان أن يبرّر تساهله فقال : قد كان أمير المؤمنين (معاوية!) يكره قتله!
فقال يزيد : ذلك قبل أن يخرج! ولو خرج على أمير المؤمنين (معاوية!) لقتله ـ والله ـ إن قدر عليه! فقال النعمان : ما كنت أدري ما كان يصنع (٣)!
__________________
(١) الكهف : ٩.
(٢) الخرائج والجرائح ٢ : ٥٧٧ ، الحديث الأوّل مرسلا ، وكذا السيوطي في الخصائص ٢ : ١٢٧.
(٣) ثمّ خرج النعمان ، فقال يزيد لمن حضره : هو كما ترونه منقطع إلينا وقد ولّاه أمير المؤمنين! ورفعه ، ولكنّ أبي كان يقول : لم أعرف أنصاريا قط إلّا يحب عليّا وأهله ويبغض قريشا بأسرها! مقتل الخوارزمي ٢ : ٥٩ عن ابن سعد عن الواقدي بسنده.