فإنّهم أصلك ، فأكرم من قدم عليك منهم وتفقّد من غاب. وانظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل عنهم كلّ يوم عاملا فافعل ، فإنّ عزل عامل أحبّ إليّ من أن تشهر عليك مئة ألف سيف! وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك ، فإن نابك شيء من عدوّك فانتصر بهم ، فإن أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم فإنهم إن أقاموا بغير بلادهم أخذوا بغير أخلاقهم.
وإنّي لست أخاف من قريش إلّا ثلاثة : الحسين بن علي ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير.
فأما الحسين بن علي فإنّه رجل خفيف (سريع الرضا والغضب) ولا أظنّ أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه! وأرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه (من أهل العراق) فإن قدرت عليه فاصفح عنه (١).
وأما ابن عمر فرجل قد وقذه الدين فليس ملتمسا شيئا قبلك (من الخلافة والملك).
وأما ابن الزبير ، فإنّه خبّ ضبّ (حاقد خائن) فإذا شخص لك فالبدله ، فإن التمس صلحا فنعم (٢).
هلاك معاوية وأحواله :
قال اليعقوبي : توفي في مستهل رجب سنة (٦٠) وهو ابن ثمانين سنة ، وقد كان ضعف ونحل وسقطت ثناياه. ولما مات خرج صاحب شرطته الضحّاك بن
__________________
(١) فهو يوعز إليه أن يقابل من مع الحسين من أهل العراق بمن يستجيب منهم لبني امية فيظفر به ولا يقتله.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٢٣ والخبران سابق ولا حق فلا منافاة بينهما.