وجئته بإضبارة عظيمة! فلمّا رآه قال : ما حاجتي أن أنظر فيها فافسد قلوبهم عليّ! يا غلام أحرقها بالنار! فأحرقها.
ثمّ ندب الناس للخروج إلى عبد الله بن الزبير ، وانتدب الحجّاج لذلك فوجّهه في عشرين ألفا من أهل الشام وغيرهم (١).
ولمّا وصل خبر قتل مصعب إلى أخيه عبد الله أعرض عن ذكره حتّى تحدّث بذلك الناس في سكك مكّة ، فصعد المنبر وجبينه يرشح عرقا فحمد الله وأثنى عليه ولم يصلّ على محمّد وآله وقال : إنّه أتانا خبر من العراق أحزننا وأفرحنا وهو قتل مصعب ، أحزننا لفراق الحميم ثمّ إلى كريم الصبر وجميل العزاء ، وأفرحنا بشهادته (٢)! وكان مصعب حين قتله ابن أربعين سنة (٣).
ولعلّ قتل مصعب غلّب طارق بن عمرو مولى عثمان بن عفّان على المدينة داعيا إلى عبد الملك ، وأخرج منها والي ابن الزبير طلحة بن عبد الله بن عوف (٤).
حرب الحجّاج وابن الزبير :
قال اليعقوبي : كان ابن الزبير يأخذ الحجّاج بالبيعة له ، فلمّا رأى عبد الملك ذلك منعهم من الخروج إلى مكّة (ولعلّه إعدادا لحربه) فضجّ الناس وقالوا : تمنعنا من حجّ بيت الله الحرام وهو فرض من الله علينا!
فبنى قبة على الصخرة في مسجد بيت المقدس وأقام لها سدنة وعلّق عليها ستور الديباج ، وروى له ابن شهاب الزهري : أنّ رسول الله لمّا صعد من المسجد
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦٦ وقبله خبر الرؤوس مرسلا.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١١٢.
(٣) تاريخ خليفة : ١٦٧ و ١٨٥.
(٤) تاريخ خليفة : ١٦٨.