خطبة العقيلة في مجلس يزيد :
أرسل ابن أبي طيفور البغدادي (١) قال : لما جعل يزيد ينكت ثنايا الحسين عليهالسلام بقضيبه وهو ينشد شعره ...
قالت زينب : «صدق الله ورسوله يا يزيد (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ)(٢) أظننت يا يزيد أنه حين أخذ علينا بأطراف الأرض وأكناف السماء ، فأصبحنا نساق كما يساق الأسارى : أنّ بنا هوانا على الله وبك عليه كرامة! وأنّ هذا لعظيم خطرك! فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان فرحا! حين رأيت الدنيا مستوسقة لك والأمور متّسقة عليك ، وقد أمهلت ونفّست! وهو قول الله تبارك وتعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)(٣).
أمن العدل ـ يابن الطلقاء ـ تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا! قد هتكت ستورهن ، وأصحت أصواتهن! مكتئبات! تخدي بهنّ الأباعر ، ويحدو بهنّ الأعادي من بلد إلى بلد ، لا يراقبن ولا يؤوين ، ويتشوّفهنّ القريب والبعيد ، ليس معهنّ وليّ من رجالهنّ.
وكيف يستبطأ في بغضتنا من نظر إلينا بالشنف والشنآن والإحن والأظغان؟! وتقول : «ليت أشياخي ببدر شهدوا» غير متأثّم ولا مستعظم! وأنت تنكت ثنايا أبي عبد الله بمخصرتك!
ولم لا تكون كذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة ، بإهراقك دماء ذريّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب ، ولتردنّ على الله وشيكا موردهم ، ولتودّنّ أنّك عميت وبكمت وأنّك لم تقل : «لأهلّوا واستهلّوا فرحا»!
__________________
(١) وأسنده الخوارزمي في المقتل ٢ : ٦٣ عن رجل من تميم الكوفة!
(٢) الروم : ١٠.
(٣) آل عمران : ١٧٨.