ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت عليّ به رسلكم وقرأت في كتبكم ؛ أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله ، فلعمري ما الإمام إلّا العامل بالكتاب ، والآخذ بالقسط ، والدائن بالحقّ ، والحابس نفسه على ذات الله ، والسلام».
وبعث به مع سعيد وهانئ (١) ولعلّه كان في أوائل العشر الأواخر من رمضان.
سفر ابن عقيل :
وكان الرسولان السابقان من أسد وهمدان : عبد الرحمان الأرحبي الهمداني وقيس بن مسهر الصيداوي الأسدي باقيين ، وفضّل الإمام عليهالسلام أن يسرّح معهما سفيره ابن عقيل ، فدعاهم وأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف ، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجّل إليه بذلك ، ثمّ سرّحه معهم. وعزم مسلم على أن يودّع بقيّة أهله بالمدينة ، ووافقه الإمام عليهالسلام والرسولان معه ، فأقبلوا إلى المدينة فصلّى في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله وزار قبره ، ثمّ ذهب إلى بقية أهله وودّعهم ، ثمّ استأجر من بني قيس دليلين يدلّانهم سبيلهم ، فأقبلا به حتى ضلّا ، وكأنّهما تاها حتّى عادا إلى طريق مكّة نحو بطن الخبيت فهو إلى جهة مكّة (٢) وأصابهم عطش شديد ، وكأنّهما لاحت لهما لوائح الطريق فقالا لمسلم : هذا الطريق فخذه حتّى تنتهي إلى الماء ثمّ ماتا. ومضى مسلم ومن معه حتّى بلغوا الماء في بطن الخبيت.
وكان العرب يومئذ قريبي عهد بجاهليّتهم وتطيّرهم بمثل ما عرض لهؤلاء من البلاء ، وكأنّ ابن عقيل عقل ممّن معه شيئا من ذلك ، وعرض قيس بن مسهر الصيداوي الأسدي استعداده لحمل رسالة في ذلك من مسلم إلى الإمام عليهالسلام ، فكتب :
__________________
(١) المصدران السابقان.
(٢) انظر إبصار العين (للسماوي) : ١٦.