وكأنّه بعد أن أبعد ابن الزبير ابن الحنفيّة إلى جبل رضوى ، قدم على المختار ليختاره بمكان ابن الحنفيّة صاحبا لأمره! فحكى الزبير بن بكّار : أنّ المختار قال له : إنّ صاحب أمرنا منكم ولكنّه رجل لا يعمل فيه السلاح! فإن شئت نجرّب فيك السلاح فإن لم يضرّك فأنت صاحبنا ونبايعك! فأبى وخرج من عنده إلى البصرة وعليها مصعب.
وجمع عبيد الله حوله جمعا ليخرج بهم عليه! فأرسل عليه مصعب من يفرّق جمعه ويعرض عليه الأمان ، فقبل الأمان وذهب إليه فلم يزل عنده (١).
بداية أمر مصعب مع المختار :
كان المهلّب بن أبي صفرة الأزدي البصري منذ عام (٤٢ ه) من قوّاد جند البصرة في غزو كور سجستان إلى سفوح جبال كابل وسمرقند عام (٥٦ ه) (٢) وكان عامل ابن الزبير على فارس. فلّما أكثر الناس على مصعب بالمسير إلى الكوفة كتب مصعب إليه : إنا نريد المسير إلى الكوفة فأقبل إلينا لتشهد أمرنا. وكره المهلّب ذلك فاعتلّ بأمر الخراج وأبطأ عليه.
واستحثّ ابن الأشعث مصعبا فأعلمه أنّه لا يشخص دون أن يأتيه المهلّب وأمره أن يذهب بكتابه إليه فيقبل به. فذهب محمّد بن الأشعث بكتاب مصعب إلى المهلّب. فقال له المهلّب : أما وجد مصعب بريدا غيرك؟! ومثلك يا محمّد يأتي بريدا! فقال محمّد : والله ما أنا ببريد أحد! غير أنّ عبداننا وموالينا غلبونا على أبنائنا وحرمنا ونسائنا!
__________________
(١) نسب قريش : ٤٣ ـ ٤٤ ، وانظر قاموس الرجال ٧ : ٨١ ـ ٨٢.
(٢) تاريخ خليفة : ١٢٥ و ١٢٦ و ١٣٨.