وأقام لا يمرّ عليه يوم إلّا ويؤتى بأسرى فيقتلهم! فلما رأى كثرة من يؤتى به أخذ يتحرّى فيقول له : أمؤمن أنت أم كافر؟! فمن أقرّ بالكفر أو النفاق عفا عنه ، ومن قال : مؤمن قتله (١)!
وكان هو يلقّن ذلك من كان من الأسرى من ثقيف! أتي بأحدهم وخلفه رجل من السكون ، فقال الحجاج للثقفي أكفرت؟ قال : نعم ، قال : لكن هذا الذي خلفك لم يكفر! فقال السكوني : أتخادعني عن نفسي! بلى والله ولو كان شيء أشدّ من الكفر لبؤت به! فخلاهما (٢).
ثمّ أتي برجل من فرسان عبد الرحمن من بني عامر فقال له : والله لأقتلنك شرّ قتلة! قال : والله ما ذلك لك! قال : ولم؟ قال : لأنّ الله يقول : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) فإمّا أن تمنّ علينا أو تفدينا عشائرنا!
فقال الحجاج : أكفرت؟ قال : نعم ، وغيّرت وبدلت! فخلّاه (٣).
عامر بن شراحيل الشعبي :
قال ابن قتيبة : كان عامر الشعبي مع ابن الأشعث وكان خاصّ المنزلة به ، ليس لأحد منه مثلها للذي كان عليه من حاله إلّا سعيد بن جبير ، وأفلت سعيد بن جبير إلى مكّة.
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ٤٦ و ٤٧.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١٥٦.
(٣) مروج الذهب ٣ : ١٥٥ ـ ١٥٦.